مقال ⁄ثقافي

الاقباط اهلنا..وحبايبنا

الاقباط اهلنا..وحبايبنا

 

دكتور عبد العظيم اكول

  حينما نتحدث عن أم درمان..العاصمة الوطنية ومصدر الاشعاع الادبي والعلمي والثقافي والسياسي والاجتماعي وانها بوتقة انصهرت وتفاعلات فيها كل ثقافات أهل السودان من كل فج عميق وانها المدينة التي جمعت كل مكونات الشعب السوداني مجتمعة وصارت نموزجا للتعايش الاجتماعي والديني والسوداني.علي اصوله..لا ناتي الحديث من عوانه وانما نؤكد حقيقة لامراء فيها ان مدينة ام درمان هي مدينة العلم والنور والشعر والفن وهي السودان المصغر بكل تفاصيله الجميلة ويكفي ان كل او قل ان معظم شعراء الحقيبة من ام درمان ..توافدوا اليها من مختلف الارجاء السودانية وشكلوا لوحة باهية بديعة وزاهية وقد كان لهؤلاء الشعراء تخليد احد اشهر احياء مدينة ام درمان وهو حي العرب الذي عاش في حواريه ابراهيم العبادي الذي كان تاجر محاصيل كبير بكوستي وكان اول شعراء الحقيبة باغنيته ذائعة الصيت..

ببكي وبنوح وبصيح
للشوفتن بتريح
ثم رفقاء دربه عبيد عبد الرحمن الذي شكل ثنائية باهرة مع المطرب الراحل ابراهيم الكاشف الذي يعود له الفضل في انه اول فنان يدخل الاوركسترا الحديثة في الاغنية السودانية..وهناك سيد عبد العزيز الذي سنعود اليه في سردنا عن اهلنا الاقباط في حي المسالمة..وهناك الشاعر الكبير عبد الرحمن الريح..الذي نشا وترعرع في ربوع حي العرب وهو من اكتشف الفنان الذري ابراهيم عوض وقبله المطرب الفلته عمر احمد..واشتهرت حي العرب باغنية..
اتنين خمسة حارتنا..وفي حي العرب اعيان ام درمان ومنهم رجل الاعمال الكبير الراحل محمد احمد البرير طيب الله ثراه..صاحب مدرسة البرير الاولية بحي العرب..اذن ام درمان ونتيجة هذا التمازج الفريد ..سكنها اخواننا الاقباط وهم الذين جاءوا الي ام درمان منذ العام ١٩٩٨م مع حملة كتشنر باشا وبعضهم كان يقيم بالسودان منذ عهد التركية السابقة..وطاب لهم المقام بام درمان وسمي حيهم بحي المسالمة..بكنائسه التي تدل علي التعايش الديني بالسودان وبعضهم دخل الاسلام وصار مسلما كامل الدسم ولهم مواقف وطنية واضحة في تاريخ السودان اذكر تذكر سجلات التاريخ ان عبد السيد فرح كان رئيسا لنادي المسالمة الذي تحول الي اسم المريخ بعد ان كانوا يتشاورون في تغيير اسم المسالمة ليصبح شاملا لكل الاطياف في السودان واشارت لهم ابنته سيدة فرح بان يسمونه المريخ..وقد كان..ومنهم الشاعر الفنان الراحل مسعد حنفي الذي كان صديقا مقربا من الشاعر الفذ صالح عبد السيد ابوصلاح والشاعر الفذ سيد عبد العزيز..ولعله من نافلة القول ان نذكر ان الشاعر القومي سيد عبد العزيز كان يعشق الجمال وتدل علي ذلك قصائده المترعة بفيض احساسه المبدع الشفيف..جاء ذات يوم المسالمة في طريق الكنيسة وكان ذلك اليوم يوم عيد للنصاري..فكتب رائعته..
يامداعب الغصن الرطيب
في بنانك ازدهت الزهور
زادت جمال ونضار وطيب
وفي ذات المكان الذي كتب فيه سيد عبد العزيز كانت تسكن جدتي الراحلة مني محمد علي وهي شقيقة والدة والدي محمد عثمان اكول الراحلة جدتي السرة محمد علي ونحن من ام الطيور والعالياب والفاضلاب وجبل ام علي..وكان ايضا يسكن عمنا الراحل ياقوت جمال الدين وهو وكيل مدرسة ام درمان الاهلية وكان لي شرف دراسة السنة الثالثة بام درمان الاهلية الثانوية بتوصية منه ودخولي جامعة ام درمان الاسلامية من بوابة ام درمان الاهلية الثانوية وياقوت جمال الدين والشاعر الراحل عبد العزيز جمال الدين الذي كتب للراحل عبد الكريم الكابلي رائعته..
لو تصدق ياشباب
عمري المفتق
هم اعمامنا من السيال كريم الدين وصله الرحم بال جمال الدين وعامر جمال الدين بشندي واهلنا النفيعاب ان جدتي حرم محمد علي وهي شقيقة جدتي لوالدي السرة محمد علي العلاقة ان جدتي حرم امها مهدية بت حسيب من النفيعاب السيال كريم الدين واهلها في الدويم وشبشة وكوستي بالنيل الابيض..كما ان اهلنا الفاضلاب ومنهم اعمامي الفريق طبيب علي محمد عثمان الفاضلابي والمهندس حمزة الفاضلابي والاستاذ عباس الفاصلابي مدينة محمد علي شقيقة جدتي لوالدي السرة محمد علي..واضيفكم من الشعر بيت..عمتي علوية نورين متزوجة من الراحل حسن محمود غندور..اهلنا الغنادير والفاتح محمود غندور متزوج من شقيقتي احسان محمد عثمان اكول..وعمتي الراحلة رابعة الشيخ متزوجة من الراحل الامين حسين من جزيرة توتي وهو من اقرباء المطرب الكبير الراحل حمد الريح..وازيدكم ايضا بيتا اخر..العم عبد الرحيم حاج الامين شقيق الشاعر الفذ عبيد حاج الامين والشاعر الفذ عبد المجيد حاج الامين..جاء عبد الرحيم للفشاشوية بالنيل الابيض في ريعان شبابه ومعه علي عبد الله يعقوب من الجريف بالخرطوم وال القاضي وعاشوا في الفشاشوية التي كانت مدينة تجارية مزدهرة في عهد الانجليز وتزوج عبد الرحيم من عمتنا الفاضلابية..وعاش حتي وفاته بالفشاشوية وتزوج والدي محمد عثمان من سلالته زينب ابنة حاج التجاني واهلهم وصلة رحمهم من بري شارع المغرص والهاشماب وكوستي ال المليح وال النور..
نعود لاهلنا الاقباط..وكان صديقي وتوام الروح الشاعر المتفرد مختار دفع الله يرتبط بعلاقات واسعة مع اخوتنا الاقباط فجمعت بيننا وبينهم اوشاج اجتماعية ممتدة ومن هؤلاء تجار الاسبيرات الكهربائية هلال فوزي يونان وبدر فوزي يونان الي ان صارت علاقتنا بهم اسرية بعد ان شاركناهم تاسيس شركة الروماني للانتاج الفني وانا ومختار من احضر لهما الفنان الشهير عبد الرحيم ارقي الذي قدمه لنا المطرب الصديق صديق احمد وخرح اول البوم له..يحمل الاغنية الشهيرة..
عافي منك..وراضي عنك
سو رضايا
ومابخيب الرضا
والدتو ياجنايا
اهلنا الاقباط..بسبب الحرب اضطروا للهجرة الي مصر وفي حلفا في يونيو الماضي قابلناهم مع اسرتي الصغيرة وكنا في مكان واحد..نتقاسم اللقمة..حتي ان احدهم من شباب الاقباط اهداني (ملاية) جديدة حينما راني ارتجف من البرد..ثم ذهب الي حال سبيله..وفي الصباح بحثت عنه لاعيد اليه امانته فلم اجده وسالت عنه قريبه..فقال لي انه يهديها لك..(تذكار عزيز)..ولازلت احتفظ بتذكاره العزيز هذا..اسر الي احد الاخوة لما راي عدة بصات قادمة الي حلفا القديمة وهي تحمل اهلنا اقباط مدينة الابيض ومدن كردفان..قائلا  لي..طالما رحل اهلنا الاقباط عن بكرة ابيهم..معني هذا ان البلد (خربت تب)..وتذكرت ام درمان والليالي الجميلة وحفلات اهل المسالمة التي كان يحييها المطرب الذري ابراهيم عوض..بالمناسبة ابراهيم عوض من الكنوز وهي قبيلة متداخلة بين مصر والسودان وهو خال الزميل الاعلامي الكبير الصديق العزيز عبد الباقي خالد عبيد وهي قبيلة من عدة قبائل متداخلة بين مصر والسودان انصهرت في ام درمان ومنهم ال حجوج والطيب برعي الذي اهدي جامعة ام درمان الاسلامية في عهد البروفيسور علي احمد محمد بابكر مدير الاسلامية انذاك..مجمع الطيب برعي الاسلامي بامبدة..وهم اصلا من قرية الجعافرة بمصر بعد اسوان ودراو..خاصة وان ابن عمتي منيب حسن محمد خير متزوج من منطقة دراو وان رئيس المريخ الاسبق ذائع الصيت عبد الحميد الضو حجوج جذوره من منطقة الجعافرة بجمهورية مصر العربية
الاقباط اهلنا وحبايبنا..تجدهم حتي في جنوب السودان قبل الانفصال وهم ابناء السودان شربوا من نيله وتطبعوا بطبائع اعله..وكان شبابهم يذهب معنا الي حفلات الاعراس في ذلك الزمان البعيد..ويرددون الاغنيات العذبة..وكانت سائدة في تلك الفترة اغنيات البنات..ورقص العروس في السباتة..
ضوا قمر بين الازهار
مالو الليل بقي ليا نهار
و..
ياعلب السجاير
فوق الحفلة داير
انا بحب ابوقجيجة
واريت ابوصلعة طاير
و
ياقزازة الكولا
والكولا كيتي كولا
مافي حاجة مجهولة
وكل زولة بي زولا
رعي الله تلك الايام النضيرة..وبطاقات خضراء نرسلها الي اهلنا وحبايبنا الاقباط في كل مكان ..ونقول لهم السودان سودانكم وباذن الله تعودون الي بلدكم سالمين امنين ..انه سميع مجيب للدعاء

لمشاركة الخبر عبر شبكات التواصل