عندما يسقط الكبار فى بئر الخيانة

عبد الحفيظ عبدالقادر
وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة ( وول ستريت جورنال ) الأمريكية فإن إحدى مساعدات مدعى المحكمة الجنائية الدولية كريم خان و هى موظفة فى الثلاثينات من عمرها ، ماليزية متزوجة ولديها طفل ، قدمت شهادة أمام مسؤولى الأمم المتحدة تفيد بتعرضها لتحرش و اعتداء جنسي متكرر من قبل السيد/كريم خان و هو محامى بريطاني مسلم يبلغ عمره (٥٤ ) عاماً تولى مهام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فى يونيو ٢٠٢١م مبينه أن الاعتداءات وقعت فى أماكن مختلفة من العالم خلال مهام رسمية ، فقد تكررت خلال رحلات عمل إلى كولومبيا و الكونغو و تشاد وباريس وحتى فى لاهاى مقر المحكمة بما ذلك فى منزل زوجة خان كما و قعت على وجه التحديد في فندق ميلينيوم فى نيويورك و قالت تم استدعائها فى وقت متأخر من الليل إلى جناحه و تحرش بها و اعتدى عليها جنسياً رغم محاولاتها المتكررة مغادرة الغرفة و من جانبه نفى كريم خان عبر محاميه جميع الادعاءات التى تم الإبلاغ عنها للهيئة الحاكمة للمحكمة فى أكتوبر من العام ٢٠٢٤م المتعلقة بسوء السلوك الجنسي نافيا أنه حاول لأكثر من مرة إجبار مساعدة له على إقامة علاقة جنسية أو ملامستها رغم إرادتها و اعتبرها عارية تماماً عن الصحة مؤكداً التزامه بالتعاون الكامل مع اى تحقيق و كانت قد قدمت هذه الشكوى اولا ضمن تحقيق داخلي لكن سرعان ما أغلق الملف مما أثار الشبهات حول محاولة التستر او التقليل من شأن الاتهامات و لكن منظمات غير حكومية و موظفون فى المحكمة دعوا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى التنحي مؤقتاً طوال مدة التحقيق لكنه تجاهل هذه الدعوات وأثر البقاء فى منصبه و لاحقاً تم فتح تحقيق خارجي تحت إشراف الهيئة الحاكمة للمحكمة الجنائية الدولية التي تضم نحو ١٢٥ دولة هم الدول الأعضاء الموقعة على ميثاقها وأثر ذلك أعلنت المحكمة عن تنحى المدعي العام كريم خان عن منصبه مؤقتاً فى انتظار نتائج هذه التحقيقات التى بدأت في ديسمبر ٢٠٢٤م و وصفت عضوة بالاتحاد الدولي لحقوق الإنسان إن التنحي يسهم فى حماية مصداقية المحكمة و ثقة الضحايا و الموظفين و الجمهور و المبلغين عن المخالفات و اعتبرتها لحظة تقدير و كرامة.
و بدأت القصة عندما أسرت المرأة التى تتهم كريم خان بهذه الجرائم الجنسية إلى اثنين من زملائها في العمل بهذه الاعتداءات و هما من ابلغا الجهات المختصة في المحكمة بهذه المزاعم.
وجاء في الادعاء أن كريم خان مارس ضغوط على هذه المرأة لاجبارها على ما وصفته صحيفة ، وول ستريت جورنال ( بالجماع غير المقبول ) و فى عدة مناسبات و كانت قد زعمت الشاكية أنها استدعيت إلى جناح خان فى فندق ميلينيوم فى نيويورك و أن خان بدأ يلامسها جنسيا و هى ( أفعال تكررت منه من قبل ) و على الرغم من محاولتها مغادرة الغرفة عدة مرات لشعورها أنها وقعت في الفخ ، سحبها إلى السرير و نزع عنها ملابسها الداخلية و اجبرها على على ممارسة الجنس و قالت للمحققين أنه دائماً ما يمسك بى و يقودني إلى السرير.
و فى تسجيل لمكالمة هاتفية وفقاً لجريدة وول ستريت الأمريكية و تشكل جزءا من التحقيقات ، أن المدعي العام للمحكمة قال للمرأة ( ستكون ضحايا و خسائر ادعاءاتها للاسف ثلاثة ،،انتي و عائلتك ، و انا و عائلتى ، و عدالة الضحايا ) و وفقاً لحديثه مع المدعية يزعم خان أن فضيحة كهذه ستضر بنجاح الملاحقات القضائية لمجرمى الحرب فى إسرائيل.
أنها لفجيعة مؤسفة و مخزية أن يسقط الكبار و من هم فى مقام قاضى التحقيق الاممى الاول فى براثن الرذيلة و الخيانة المهينة ليضيف المذيد من الشكوك و خيبة الأمل فى عدالة معدومة و مزعومة لمحكمة الجزاءات الاممية حيث كشف النقاب عن بعض مايدور فى اروقتها و خلف أبوابها المغلقة من انتهاكات مؤلمة و محزنة لحرمات النساء و أعراضهن من قبل من تم تنصيبهم لقيادة التحريات الشفافة و إدارة التحقيقات الجنائية المنصفة فى كافة جرائم الاعتداءات الجنسية بأنواعها واشكالها المختلفة التى حدثت و تحدث على نطاق واسع على نساء العالم فى مناطق النزاعات العسكرية و بؤر الحروب و الاضطرابات الأمنية.
إن أول برهان على تورط فرعون الأدعاء الاممى فى هذه الاعتداءات الجنسية الآثمة هو وصفها بنفسه بأنها ( فضيحة ) ثم توسله إلى الضحية فى هذه المحادثات الهاتفية بأن تتنازل عن حقها في منازلته القضائية ليزرع الخوف فى نفس الضحية بأن أن ذلك ستكون خسارته و ضحيته ( انتى و عائلتك و انا عائلتي و ما اسماه بعدالة الضحايا ) و أى عدالة يقصد وأي ضحايا يمكن أن يتمنون أو يتوقعون عدالة منه بعد فعلته الفاضحة لا سيما إذا كانوا من الأطفال والفتيات والنساء ضحايا التحرش و العنف الجنسي والاغتصاب الجماعي و ممارسات سبي النساء والفتيات و خطفهن بغرض البيع فى أسواق الدعارة و البغاء وكافة الاعتداءات الجنسية ذات الصلة.
لا أمل و لا رجاء ليس فى عدالة موهومة و منقوصة فحسب ولكن فى وئام و أمان اجتماعى لأى لخائن لعائلته و محيطه الأسرى والمجتمعى ( رجل أو امرأة ) فى اي زمان و مكان من هذه المعمورة لان الخيانة لا تقع صدفة أو عفو الخاطر و ليست نزوة عاطفية عابرة بل هى قرار واختيار و أن كبير قبيلة قضاة التقصي الجنائى فى محكمة العقوبات الدولية قرر و اختار بكامل إرادته و حريته و بكل إصرار و ترصد السقوط الى سفح بئر الخيانة السحيق بالرغم من أنه اقسم لدى تسلمه مهام منصبه بأنه سيمارس مسؤولياته بكل تجرد و شفافية ملتزما بأخلاق المهنة و الضمير السليم من أجل تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا.
نعم الخيانة هى ليست لسعة عاطفية نتيجة إثارة جنسية خاطفة بالنظر لوقائع و حيثيات الجريمة نفسها ففى حالة كريم خان قاضي التحقيق الجنائي الدولي و مرعب الرؤساء والملوك والوزراء وكافة المسؤولين الكبار عن جرائم الحرب والابادات الجماعية والجرائم ضد الإنسانية ، فقد قاد ضحيته إلى شقة زوجته المغدور بها و نال منها ما أراد و أن اشنع عمليات الخيانة الزوجية وأكثرها بشعاعة و حرقة هى التى تحدث على فراش الزوجية و بين جدران بيت العائلة فى اجواء تم التخطيط لها بقصد تغييب المغدور به أو بها و تهيئة البيئة لهذه الأفعال الشنيعة أو تلك التى تقع فى مكاتب الوظيفة أو مواقع العمل و بغض النظر عن من تورط فى هذا الأفعال الآثمة (.رجل أو امرأة ، زوج أو زوجة ) كلها أفعال ملعونة و منبوذة تصيب فى مقتل المحيط العائلي والمهنى و تمزق النسيج الاجتماعي للطرفين.
مهزوم و موهوم من يصدق أو يعول على عدالة وانصاف يقودها الخونة اللئام الذين يسعون الى هتك ستر العائلات العفيفة و تلطيخ طهر سمعة الأسر الشريفة ، أن هذه الفضيحة الجنسية المدوية تعيد إلى الأذهان كل زخم الريبة و الشكوك الذي انتاب الناس حول حقيقة دورها و المستهدفين بها منذ نشأتها فى العام ٢٠٠٨م وان وابلغ دليل و برهان على بعض من صدق هذه المخاوف و الماخز أن المدعى العام لهذه المحكمة و المشتبه به فى هذه الاعتداءات زعم أن محاولات و مساعي ضحيته نحو تحقيق العدالة والانصاف لنفسها تهدد و تهدر حقوق ضحايا غزة فى العدالة التى ابتدرتها هذه المحكمة كونه هو قائد لواء الملاحقات القضائية للمشتبه بهم فى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية فى غزة ، بذكاء خرافى يريد أن يوهم الضحية و يستميلها نفسياً و عاطفياً للتراجع عن حقها المشروع فى التقاضي كونها مسلمة و من حاضنة اجتماعية فى دولة مسلمة متعاطفة و داعمة لغزة و ناغمة على اسرائيل وذلك لأنه يعانى من حالة خوف و رعب من أن إثبات هذه التهم عليه و ادانته سيترتب عليها حتماً فقدانه لوظيفته الرفيعة فى هذه المحكمة بالإضافة لعقوبات و تعويضات محتملة لذلك هو يدفعها نفسياً و عاطفياً للتخلي عن هذا الخيار القانوني الذي يقول سينسف كل محاولات إنفاذ أوامر هذه المحكمة الرامية إلى ملاحقة الجناة و تحقيق العدالة لاهل غزة ،، ويا للعجب.
حمدا لله على نعمة شريعة رب العالمين التي نصت على عقوبة حدية رادعة و ناجزة لا مجال فيها لعفو أو فدية و تعويض عن هذه الجريمة النكراء ، الموت رجما للمتزوجين من الرجال والنساء و مائة جلدة للبالغين من الفتيات والشبان غير المحصنيين و على رؤوس الأشهاد ردعا و عبرة و ذلك لعلو مقام شرف و عفة الأسرة و لحمايتها من التفلت والانحراف و تعزيز دورها فى رفد المجتمع بالاجيال الصالحة والنافعة من خلال دورها المشهود فى تربيتهم و رعايتهم ليكونوا سواعد خير و عطاء فى مسيرة بناء و نماء و تطور مجتمعاتهم.