مقال ⁄ثقافي

السر الجلال قيثارة النغم الطروب

السر الجلال  قيثارة النغم الطروب

كثير من قري السودان الواسع والممتد نجد مطربين لم يجدوا حظهم من الظهور من خلال وسائل الإعلام سواء أن كانت مرئية أو مقروءهوالان وفي هذه السانحة سنقف عند واحد من مبدعي بلادي والذي جاب مدينة شندي وضواحيها واطرب الحضور فيها باغنيات رائعة وهذا المقال الثقافي الحديث فيه يكون عن المطرب تاج السر الجلال أحد لاعبي نادي ساردية سابقا وحاليا هو مطرب القرية فهو حضورا لكل مناسبات الزواج يتم طلبه خصوصا لإحياء حفلات الزواج وذلك من خلال من يعرفون قيمة الفن عند الفنان تاج السر الجلال.                                                        عدت لارشيفي  ووجدتني اعقب على بوست قديم للاخ الإمبراطور صاحب  هذه الاصدارةعن السر الجلال  سطره عن  هذا الفنان العملاق....اشاركك يا امبراطور واحكي لكم عن تجربتنا نحن الذين شهدنا بدايات ابو الجلال ...كانت تجربه لها نكهة خاصة لازالت محفورة في وجداننا  

هذا هرم شامخ لوحده...وان شئت فهو قمر منير في سما قريتنا الوادعة ....عرفناه اول ما عرفناه مغنيا وحوله مجموعة من شباب القرية في منتدي دكان احمد ود العشرة....... كنت  تراه  في العصريات وهو واقف وحوله جوقة من الشباب

   وهو يشدو باغاني الحقيبة في وقت كانت فيه  اغاني الدلوكة تعلو ولا يعلا عليها...كان ود النزيهة عليه الرحمة يقف شامخا لامنافس له...اقتحم السر الجلال المجال وباصراره وعزيمته وجديته استطاع ان يشق  طريقه نحو النجاح ليصبح علما يشار اليه بالبنان في عالم  الطرب ليس في الشقالوة وحدها بل ذاع صيته ليعم القري والحضر.

في بداياته كانت ترافقه فرقه متميزة...حسن ابوشريعة..ابراهيم حسين...حسين محجوب...عبدالغني يسن...عبدالله ودازرق واخرون.....وهل إنسي المطري احمد الحفار عليه الرحمة  ودربكته الحمراء معلقة بسير جلد بني اللون فوق كتفه....كان منظرا مدهشا بالنسبة لنا...كنا وقتها لانعرف سوي الدلوكة والشتم...الدلوكة هذه كان اشهر عازيفيها المرحوم بشير ود شيخ علي الذي يظن الكثيرون ان لا علاقة له بعالم المغني والطرب. وبمرور الزمن تتجدد الفرقة..يخرج من يخرج ويدخل شباب جدد...اشهرهم كان عباس حسن الشيخ...عباس فضيل..عوض الكريم كو....واخرون كثر  لايتسع المجال لذكرهم.

كان يقف بجواره ويعضد مسيرته الفنية شاعرنا المرهف الكرار عطا المنان عليه الرحمة....الكرار هذا قصة لوحده يجب ان تروي للجيل الحالي...لكم ان تعجبوا  ان السر وفي بداياته كان يرافقه  كثنائي  عمرفرح الصاحب شقيق مايسترو الكره الاستاذ بابكر فرح الصاحب  - شفاه  الله - والحريف عبد الرازق  واخوهم الاكبر عبد الكريم...عبد الكريم هذا دائما ما تراه يحمل راديو معه وهو في طريقه لمكان عمله بالسواقي...مر علينا ذات يوم في دكان حسن فضل الله وهو يحمل مذياعه ....قدم المذيع اغنية ابوعركي الشهيرة بخاف ...كانت اغنية جديدة يطرب لها الشباب طربا شديدا..الححنا عليه ان ينتظر. حتي نسمع الاغنية...وافق علي مضض...وبعد مقدمة موسيقية طويلة نطق ابوعركي بكلمة بخاف...فما كان من عبد الكريم الا ان قفل الراديو بعصبية شديدة قائلا ..تخاف يا ......وانصرف دون ان يلتفت الينا.

حفلات السر الجلال كان لها نكهة ومذاق خاص لايعرفه الا من عاصر تلك الفترة....كنا مغرمين بها كثيرا...خاصة حفلات العصر....تري هل زالت تقام في زماننا هذا ...  كنت تري الشباب في ابهي حللهم وكذلك الفتيات ...كنا شلة متجانسة  تحرص دوما علي احتلال الصفوف الامامية....حسبو يسن ..فارسا... المرحوم سليمان عابدين...فلسفة .. الميثاق عليه الرحمة... كانوا نجوم ذلك الزمان الجميل...تراهم دائما في صدارة الحفلة وهم في حالة تركيز تام... هكذا كانوا يقولون  ودخان سجايرهم البرنجي يعبق المكان......كانت السيجارة مكملة لهذا الطقس الاحتفالي....كان يباع في الحفلات  ...سجاير ولعة هل تذكرونها..لا زلت اذكر قفشات سليمان عابدين مع الكرار عليهما الرحمة...في حد بيحلف الساعة اتنين صباحا ...هل تذكرها يا فارسا...يالروعة تلك الايام.

عشقنا لحفلات السر الجلال وادماننا لصوته ذو البحة الجميلة المحببة لنا واعجابنا  بتفننه المسرحي جعلنا نلاحق حفلاته أينما كانت... داخل القرية او خارجها....كما قلت السر الجلال هو اول من  فتح مداركنا علي اغاني الحقيبة..اخذناها منه كفاحا كما يقولون...حفظنا بعضها عن ظهر قلب....ثم توسعت مداركنا وصار اهتمامنا بها اكبر عن طريق الراديو والتلفزيون لاحقا...صور ومشاهد لاتنسي....ما يميز ابو الجلال هو طريقته الفريدة في التطريب ...تلاحظ انه وفي اغاني محددة ترتفع وتيرة الطرب في صوته...عندها كان يغير وضع الرق ليمسكه بكلتا  يديه ويضعه علي  صدره.....وعندما يتعالي طربه ويصل القمم الشاهقة كنت تراه يضع الرق فوق قمة راسه وهو يتمايل طربا......هل يجرؤ. ابو الجلال علي فعل ذلك الان....لا اظن فقد تبدل الحال واختلف طقس الحفلات واختفي الصف الاول من السميعة وصارت الارجل والايادي هي سيدة الموقف....قول للزمان ارجع يا زمان.

من لم يري  ويسمع السر الجلال وهو يشدو بأغنية انا حالي ظاهر والجزولي ود قسم الله يجهش  بالبكا وسط الدارة ..ومن لم يشهد عمايل حسين محجوب في ياقائد الاسطول وطربه العالي في يا قلبي السراري...وهزة الكوتش عثمان عبد الماجد - عليه الرحمة-   الوقورة والمتفردة...من لم يري ثنائية السر وود ازرق في اقيس محاسنك بمن والمزمزم ضرب مثل....من لم يسمع ويرى ابو الجلال في يااخوانا لو رقتو فقد فات عليه الكثير...غناها ذات مرة في شندي فهاج القوم وماجوا وتطايرت عمم واختلط الحابل بالنابل....من لم يري مثل هذه المشاهد وغيرها الكثير فحظه من الطرب قليل. 

خلال مشواره الفني توقف السر الجلال عن الغنا لاحزان المت به...فحزنا مرتين ..مرة لحزنه الخاص واخري لتوقفه وحرماننا من ابداعاته.....شاهدت له قبل سنوات توثيقا في صالون الاخ حسن سنهوري وياليته كان من احد حفلاته....التوثيق امر هام. للأجيال القادمة وقد اعجبني كثيرا التوثيق الذي تم لود النزيهة وبشير ود شيخ علي.... 

رغم احتفاظي بكاسيت معتق للسر  غني فيه لأحمد المصطفى البعدو يجنن الا انني اتوق شوقا لحضور احدي حفلاته...قبل عدة سنوات اخبرني الاخ عمر عبد الله ان السر سيحيي حفلة زواج عند  نسابته  ناس  عبد الرحمن بابكر... تهيانا للحضور  وذهبنا الي هنالك في ازهي ملابسنا وجلسنا في ركن قصي برفقة التوم محجوب المفتش عليه الرحمة.....طلبت من الاخ ود ازرق الذي اكد لي مصاحبته السر في الحفل اغنية يا جوهر صدر المحافل..أجاب حاضر يا ابو الأمين سنغنيها لك وش..هذه اغنية اثيرة لنفسي  تعيدني  الي ذكريات عذبه كان مسرحها دوما حفلات السر الجلال...اسمعها باصوات مغنين كثر ولا تطربني الا بصوت ابو الجلال.....عندما يغنيها يعيدني فلاش باك الي طقوس ومشاهد محفورة في الذاكرة.....هذا هو سر الغنا.

جلسنا في تلك الحفلة وكلنا ترقب  لسماع صوت السر بعد غيبة طويلة...بدأ الحفل فاذا بناجي حسن ابوشريعة يقدم فنانة من شندي اسمها إخلاص  شطة  في وصلة قبل السر ....سألته هل انت جاد فيما قدمت....اكد لي الامر..ظهرت الفنانة اياها..هذه اول مرة اري  فيها فنانة تغني في عرس بالشقالوة..يبدو ان الامر اصبح عاديا الان....قلنا اللهم اجعله خير.....بدات شطة هذه باغاني ركيكة وهي  تتمايل وتتراقص....فجاءة تطايرت الكراسي من كل جنب وانتهى الحفل تلك النهاية المحزنة وضاع عشمنا في سماع ابوالجلال ...عوضهم السر بحفلة صباح اليوم التالي لم احضرها  لاني كنت قد غادرت صباح نفس اليوم.

شكرا جزيلا ياابوالجلال فانت رقم كبير لا يمكن تجاوزه...رقم لا ينسي .....انت من شكل وجداننا وهذب مشاعرنا وشنف اذاننا بالغنا الجميل...متعك الله بالصحة والعافية.