بريطانيا والاتحاد الأوروبي يفتحان عصرا جديدا للعلاقات

وافقت بريطانيا يوم الاثنين على أهم إعادة ضبط لعلاقاتها التجارية والدفاعية مع الاتحاد الأوروبي منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن دفع انقلاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب على النظام العالمي الجانبين إلى تجاوز خلافاتهما الحادة.
Today we struck a landmark deal with the EU.A deal that is in the national interest: delivering more jobs, cheaper bills and secure borders. pic.twitter.com/fM5BjJGhhe
— Keir Starmer (@Keir_Starmer) May 19, 2025
فقد وافقت بريطانيا على فتح مياهها المخصصة للصيد لمدة 12 عاماً أخرى أمام قوارب الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، حصل رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، على صفقة بيطرية ستُزيل الكثير من البيروقراطية المفروضة على صادرات بريطانيا الزراعية والسمكية إلى كبرى أسواقها، في مكافأة اقتصادية طال انتظارها من محادثات «إعادة الضبط».
وخاض الجانبان مساومات مكثفة حول تفاصيل رئيسية لعلاقتهما المُجددة، بما في ذلك مصايد الأسماك وتجارة الأغذية، بالإضافة إلى صياغة خطة مقترحة لتنقل الشباب.
بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، قال ستارمر إن الاتفاق يُمثل «عهداً جديداً في علاقتنا».
بينما قالت فون دير لاين إن الاتفاق يُرسل رسالة إلى العالم مفادها: «في ظل عدم الاستقرار العالمي، وبينما تواجه قارتنا أكبر تهديد تواجهه منذ أجيال، فإننا في أوروبا نتكاتف وندعم بعضنا بعضاً».
وأكدت بريطانيا أن إعادة ضبط العلاقات مع أكبر شريك تجاري لها من شأنها أن تقلل من البيروقراطية المفروضة على منتجي الأغذية والزراعة، مما يجعل الغذاء أرخص، ويُحسّن أمن الطاقة، ويُضيف ما يقرب من 9 مليارات جنيه إسترليني (12.1 مليار دولار) إلى الاقتصاد بحلول عام 2040.
وهذا هو الاتفاق الثالث الذي تُبرمه بريطانيا هذا الشهر، بعد اتفاقات مع الهند والولايات المتحدة، ورغم أنه من غير المرجح أن يُؤدي إلى انتعاش اقتصادي فوري، إلا أنه قد يعزز ثقة الشركات، ويجذب استثمارات تشتد الحاجة إليها.
وبموجب الاتفاقات، ستسمح شراكة دفاعية وأمنية جديدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي للمملكة المتحدة بالوصول إلى برنامج قروض دفاعية من الاتحاد الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو (167 مليار دولار).
في ما يتعلق بصيد الأسماك، ستتمتع السفن البريطانية والأوروبية بإمكانية الوصول إلى مياه كل منهما لمدة 12 عاماً - مما يُزيل إحدى أقوى أوراق المملكة المتحدة في أي محادثات مستقبلية - مقابل خفض دائم في الإجراءات الورقية وعمليات التفتيش الحدودية التي كانت تمنع صغار منتجي الأغذية من التصدير إلى أوروبا.
في المقابل، وافقت بريطانيا على الخطوط العريضة لبرنامج محدود لتنقل الشباب، على أن تُناقش تفاصيله في المستقبل، كما أنها تناقش المشاركة في برنامج تبادل الطلاب «إيراسموس+».
So glad that we’ve agreed to have Erasmus+ for our young people.And to work towards a youth experience scheme.This will allow the next generation to once again live and study in each other’s countries.From my own experience, this will build friendships that last a lifetime. pic.twitter.com/sSWtqPcyIw
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) May 19, 2025
وقد ندد بالاتفاق كل من «فاراج» وحزب المحافظين المعارض، الذي كان في السلطة عندما غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي وقضى سنوات في التفاوض على اتفاق الانفصال الأصلي.
وقال وزير التجارة جوناثان رينولدز، لراديو «التايمز»: «يتعلق الأمر بجعل الناس أفضل حالاً، وبجعل البلاد أكثر أماناً، والتأكد من وجود مزيد من الوظائف في المملكة المتحدة».
ولفت ستارمر من جهته إلى أن العلاقات الأقوى مع الاتحاد الأوروبي ستجلب «مزيداً من الفوائد للمملكة المتحدة» بعد الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها المملكة المتحدة في الأسابيع الأخيرة مع الهند والولايات المتحدة.
وقال مفاوض حكومة ستارمر مع الاتحاد الأوروبي، نيك توماس-سيموندز إنه واثق من إمكانية تحسين التجارة بالنسبة إلى الواردات والصادرات الغذائية. وأضاف لشبكة «بي بي سي»: «نحن نعلم أن لدينا شاحنات تنتظر لمدة 16 ساعة، وأغذية طازجة في الخلف لا يمكن تصديرها، لا يمكن تصديرها لأن الأمر بصراحة مجرد روتين، ونحن نريد بالتأكيد تقليل ذلك».
المعارضة تعترض على «الاستسلام»
قد تكون بعض المقايضات صعبة على ستارمر، الذي يواجه تحديات متزايدة من حزب الإصلاح البريطاني المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمناهض للهجرة، ومن المرجح أن يرى اتهامات بـ«خيانة بريكست»، مهما كانت نتيجة المحادثات.
وقد وصف حزب الإصلاح، الذي حقق مؤخراً فوزاً كبيراً في الانتخابات المحلية، وحزب المحافظين المعارض، الاتفاق بالفعل بأنه «استسلام» للاتحاد الأوروبي قبل تأكيد أي تفاصيل.
على الرغم من الاتفاق، سيظل الاقتصاد البريطاني مختلفاً بشكل كبير عما كان عليه قبل مغادرته الاتحاد. وقد كلف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المركز المالي في لندن آلاف الوظائف، وأثّر سلباً على إنتاج القطاع، وخفّض مساهماته الضريبية، وفقاً للدراسات.
aawsat.com