أبل المتأخرة في الذكاء الاصطناعي تواجه تحديات معقدة

تجد شركة «أبل» نفسها أمام ملفات شائكة خلال عرضها التقديمي السنوي للمطورين، المزمع عقده يوم الاثنين، في وقت تتسع فيه فجوة التأخّر عن منافسيها في ميدان الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن المعارك التي تخوضها الشركة المنتجة لهواتف «آيفون» على جبهات مُختلفة، أبرزها الدفاع عن منظومتها المغلقة، إلى جانب التحديات الناتجة عن الرسوم الجمركية الأميركية. وتهدف الشركة إلى إقناع المُدعوين إلى مؤتمرها العالمي للمطورين في كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، بأنها لم تُفوّت قطار الذكاء الاصطناعي، بحسب ما أفادت به «وكالة الأنباء الفرنسية».
وكانت «أبل» قد أعلنت قبل عام عن مجموعة من الوظائف المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تحت اسم «أبل إنتلجنس»، في وقت كانت فيه متأخرة بالفعل عن منافسيها في هذا المجال. ولاحظ غادجو سيفيلا، المحلل في شركة «إيماركتر»، أن «أبل» وعدت بهذه الوظائف وكأنها ستُطلق سريعاً، إلا أن ذلك لم يتحقق.
وأشار المدون المتخصص في التكنولوجيا جون غروبر، في مارس (آذار) الماضي، إلى أن إعلان الشركة عن تأجيل بعض الميزات جاء بعد أن قدمت تحسينات طفيفة بسرعة، غير أن الأمر لم يشمل الميزات الجوهرية. وكان يفترض أن يحوّل النظام الجديد المساعد الصوتي «سيري» إلى أداة ذكاء اصطناعي حقيقية تنفذ المهام بناءً على الأوامر الشفهية، مع مراعاة البيانات الموجودة في البريد الإلكتروني والصور وغيرهما.
ورأى غروبر أن ما أعلنته «أبل» حينها لم يكن «عرضاً تجريبياً»، بل مجرد فيديو تعريفي، مضيفاً أن «الفيديوهات التعريفية فارغة المضمون في الغالب، وغالباً ما تكون مؤشراً على معاناة الشركة من صعوبات أو أزمة». وفي وقت تواصل فيه شركات مثل «أوبن إيه آي» (مبتكرة «تشات جي بي تي») و«غوغل» و«ميتا» إصدار تحديثات متتالية على أدواتها المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي تشهد تطوراً مستمراً من حيث القدرات والاستقلالية، يُنتظر أن تكشف «أبل» عن إصلاح جذري في نظام التشغيل الخاص بها. إلا أن خبراء القطاع والجهات المختصة به، ومن أبرزها «بلومبرغ» وموقع «9 تو 5 ماك» تأمل أن يشهد المؤتمر إعلاناً عن ميزات جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل الترجمة الفورية في الرسائل النصية وعبر سماعات «إيربودس» اللاسلكية.
كما ترددت أنباء عن احتمال إبرام شراكات جديدة مع «غوغل» أو شركة «بيربليكسيتي» الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الاتفاق القائم مع «أوبن إيه آي».
ويرى كل من جين مونستر وبراين بيكر من شركة «ديب ووتر أسيت ماناجمنت» الاستشارية أن «أبل» استهانت في البداية بثورة الذكاء الاصطناعي، ثم بالغت في الترويج لقدراتها، وهي اليوم تحاول اللحاق بالركب. غير أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يُعدّ العقبة الوحيدة التي تواجهها الشركة الأميركية، إذ لا تزال علاقاتها متوترة مع المطورين الذين يُصمّمون التطبيقات لأجهزة «آيفون» و«آيباد»، ويجدون صعوبة في العمل ضمن النظام المنغلق الذي تفرضه «أبل» منذ سنوات طويلة، وفق ما أشار إليه سيفيلا.
وكانت دعوى قضائية أقامتها شركة «إبيك غيمز»، المطورة للعبة «فورتنايت»، قد دفعت القضاء الأميركي في مايو (أيار) الماضي إلى إصدار حكم يلزم «أبل» بالسماح لناشري التطبيقات في الولايات المتحدة باستخدام منصات دفع خارجية بديلة عن متجر «آب ستور»، وهو إجراء مطبق أصلاً في الاتحاد الأوروبي. لكن المطورين ما زالوا ينتظرون المزيد، وفقاً للمحلل.
ويرى سيفيلا أن «أبل»، التي تتقاضى عمولة بنسبة 30 في المائة من المدفوعات عبر متجرها، تلقت بذلك ضربة إضافية إلى تلك التي تلقتها نتيجة إخفاقها في الوفاء بوعودها بشأن الذكاء الاصطناعي. وفي هذا السياق، أصدرت الشركة يوم الخميس تقريراً يُظهر أن متجرها للتطبيقات حقق مبيعات بلغت 1.3 مليار دولار خلال عام 2024، مشيرة إلى أن المطورين لم يدفعوا لها أي عمولة على أكثر من 90 في المائة من هذه العائدات.
ويُعقد مؤتمر المطورين هذا العام في ظل انضمام مصمم «آيفون» الشهير، جوني آيف، مؤخراً إلى شركة «أوبن إيه آي»، حيث يعمل مع فريق على تصميم مجموعة من الأجهزة الذكية المتوافقة مع متطلبات عصر الذكاء الاصطناعي. ورأى سيفيلا أن هذه الخطوة تضع «أبل» في موقع دفاعي، خصوصاً أن مصمم أهم منتجاتها يشير بذلك إلى وجود بديل قد يكون أكثر تطوراً من «آيفون».
وتواجه الشركة أيضاً تحديات كبيرة تتعلق بسلاسل التوريد الخاصة بها. ورغم أنه من غير المتوقع أن يتناول المؤتمر هذا الملف، فإن «أبل» مطالبة بدراسة كيفية التعامل مع الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ضمن إطار الحرب التجارية مع الصين، حيث تُعد الأخيرة موقع التجميع الرئيسي لأجهزة «آيفون».
وكان ترمب قد هدد بفرض رسوم جمركية إضافية في حال لم تُعد «أبل» إنتاجها إلى الأراضي الأميركية، وهو خيار يعتبره محللون غير واقعي. ووصف سيفيلا فكرة تصنيع «آيفون» داخل الولايات المتحدة بشكل كامل بأنها «أمر غير منطقي»، لأن ذلك «يستلزم إعادة تشكيل القواعد الاقتصادية العالمية». وفي المقابل، لا تزال «أبل» تملك ميزة استراتيجية بارزة، تتمثل في الولاء الكبير الذي تُبديه قاعدة مستخدميها.
aawsat.com