محللون لـالشرق الأوسط: تثبيت الفائدة الأميركية محسوم... والتيسير رهن تراجع التضخم

تتجه الأنظار إلى اجتماع «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي هذا الأسبوع، وسط إجماع بين المحللين على أنه سيُبقي على أسعار الفائدة من دون تغيير للمرة السابعة على التوالي، متمسكاً بسياسة «الترقب والرصد» في مواجهة ضغوط تضخمية ومخاطر جيوسياسية وتجارية متصاعدة.
واتفق خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» على أن النهج الحذر لـ«الاحتياطي الفيدرالي» يُعَدّ انعكاساً لبيئة اقتصادية لا تزال مليئة بالتقلبات. وبينما تراجعت مؤشرات التضخم بشكل طفيف مؤخراً، فإن «الاحتياطي» لا يرى بعدُ إشارات كافية لبدء تخفيف سياسته النقدية الصارمة.
تثبيت الفائدة... والانتظار
ورجح حمزة دويك، رئيس قسم التداول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «ساكسو بنك»، أن يبقي «الاحتياطي الفيدرالي» على أسعار الفائدة ضمن النطاق الحالي بين 4.25 و4.50 في المائة، استمراراً للنهج الحذر الذي يتبعه منذ أشهر.
وقال: «رغم أن الاقتصاد الأميركي يُظهر مؤشرات نمو قوية، فإن (الاحتياطي الفيدرالي) لا يزال بحاجة إلى دلائل أوضح تؤكد أن التضخم يتحرك بثبات نحو هدف اثنين في المائة، قبل التفكير في خفض الفائدة».
وأشار إلى أن النسخة المحدَّثة من ملخص التوقعات الاقتصادية، التي سيصدرها «الاحتياطي الفيدرالي» توازياً مع قرار الفائدة، قد تتضمن مراجعات صعودية لمعدلات التضخم، لا سيما في ظل الرسوم الجمركية واضطرابات سلاسل الإمداد، وهو ما يزيد من حذر «البنك المركزي الأميركي».
الأسواق تراهن على سبتمبر
من جهته، قال فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمارات في «سنشري فاينانشال»، إن الأسواق تتوقع تثبيتاً شبه مؤكد للفائدة خلال هذا الاجتماع، مشيراً إلى أن أداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي» تعطي احتمالية تبلغ 99.8 في المائة لقرار التثبيت.
وأضاف: «تشير توقعات الأسواق إلى أن أول خفض للفائدة قد يحدث في سبتمبر (أيلول) المقبل، مع احتمالية بنسبة 66 في المائة لذلك، في حين تتوقع الأسواق بنسبة 94 في المائة أن يُجري (الفيدرالي) خفضين؛ بواقع ربع نقطة مئوية لكل منهما، قبل نهاية العام».
وأوضح فاليشا أن البيانات الأخيرة، خصوصاً تقرير «مؤشر أسعار المستهلكين» لشهر مايو (أيار) الماضي، أظهرت تباطؤاً في نمو الأسعار، فيما حافظت سوق العمل على متانتها؛ مما يدعم التوجه نحو التيسير لاحقاً، لكنه لا يبرر تحركاً فورياً.
أثر الرسوم يقلق «الفيدرالي»
وقال مسؤولون في «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» إنهم يترقبون من كثب تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على الواردات الأميركية، والتي قد ترفع تكاليف الاستهلاك وتغذي التوقعات بارتفاع الأسعار مجدداً؛ مما يصعّب على البنك المضي في أي خفض للفائدة.
وكان «البنك المركزي» خفّض أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى نطاق يتراوح بين 4.25 و4.50 في المائة، ثم حافظ عليها دون تغيير حتى نهاية العام. وفي مارس (آذار) الماضي، توقّع صناع السياسة النقدية خفضين محتملين للفائدة خلال 2025، لكن تلك التقديرات صدرت قبل إعلان التعريفات الجمركية الجديدة؛ مما قد يدفع «الفيدرالي» إلى إعادة النظر في موقفه إذا استمرت الضغوط التضخمية.
إشارات باول المنتظرة
ومن المنتظر أن يجدد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، خلال المؤتمر الصحافي عقب اجتماع «اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)»، تأكيده على التمسك بالنهج الحذر. وسيكون تركيز الأسواق منصباً على أي إشارات في «المخطط النقطي (Dot Plot)»، الذي يُظهر توقعات أعضاء اللجنة لمسار الفائدة، خصوصاً ما إذا كانت التوقعات ستتغير من خفضين إلى خفض واحد فقط هذا العام.
تقييم المزاج العام
وفي ظل تداخل عوامل التضخم، ومتانة سوق العمل، والتقلبات السياسية والتجارية، يبدو أن «الاحتياطي الفيدرالي» ليس في عجلة من أمره لبدء دورة تيسير نقدي جديدة. وبينما تترقب الأسواق قرارات الخريف، فإن اجتماع يونيو (حزيران) الحالي سيُعدّ محطة رئيسية لتقييم المزاج العام داخل «البنك المركزي»، ومدى استعداده للتكيف مع متغيرات المشهد الاقتصادي العالمي.
aawsat.com