مقال ⁄صحة

إعلام (بواحد جنيه)!!

إعلام (بواحد جنيه)!!

جرأة قلمبقلم: دارالسلام علي

يوم الإثنين الماضي، اتفقت معي إحدى الإذاعات على إجراء تقرير إذاعي حول انتشار حمى الضنك، على أن يركز التقرير عن الجانب التوعوي بمخاطر المرض، وإمكانية تحوله لوباء يفتك بالجميع، وأن يتم من خلال التقرير استضافة مدير عام مستشفى طب المناطق الحارة أو المدير الطبي وأحد الأطباء للتحدث عن الحمى وتشابه أعراضها مع الملاريا و(النزلات) باعتبار المستشفى هو المرجع الأول للوبائيات ومعالجتها ورصدها.
ذهبت وبصحبتي الأستاذ عبد الحفيظ السر مهندس الصوت المعروف لدى غالبية الإذاعات السودانية واتجهنا نحو مستشفى المناطق الحارة بأمدرمان، سألنا عن إدارة الإعلام والعلاقات العالمة باعتبارها الجهة المنظمة والمنسقة داخل أي مؤسسة، ولكن لم نجد رداً، وسألنا من المدير العام أشارت إحدى الطبيبات إلى مكتبه دلفنا إلى المكتب وسألنا عنه أو عنها لأننا عرفنا أنها طبيبة، ولكن كان رد السكرتارية أنها (لافة في المستشفى)، سألت السكرتارية مرة أخرى هل لديها جولة تفقدية بالمستشفى أجابت (بتجي بعد شوية)، انتظرنا هذه (الشوية) التي امتدت لفترة طويلة ولم تأت، سألنا مرة ثالثة السكرتارية هذه المرة أجابتنا (أمشو للمدير الطبي). وفعلاً ذهبنا بحثاً عن مكتبه وسألنا عنه إلا أننا لم نجده وبعد مضي أكثر من نصف ساعة حضر مدير العلاقات العامة (المكلف) وهنا سأعود لمكلف هذه لاحقاً، وكان من شكله (مخلوعا) لا أدري لماذا (والله جد)، عرفناه بأنفسنا سألنا (انتو دايرين شنو؟) أجبناه أننا بصدد حملة توعوية عن حمى الضنك ونريد من يتحدث لنا عنها وعن أعراضها ووسائل الوقاية منها أجاب حتى قبل أن نكمل حديثنا (ركز سيدي القارئ على الإجابة) أجاب "والله نحن ناس الملازمين ديل مقومين الدنيا على المستشفى وما عايزنها عشان كده نحن مابنقدر نتلكم"..
هنا صفعت صراحة فلم يحدث لي طيلة مشواري الصحفي أن سمعت عذراً كهذا وقلت في نفسي هذا مايسمونه بـ(العذر الأقبح من الذنب) تخيل!
طلبت منه أن يسمعني قليلاً وأن يفهم ويركز في حاجتنا للمعلومة، فنحن لسنا بصدد إجراء تحقيق مخيف عن أرقام وإحصائيات الأمراض الوبائية المرعبة، ولا نود ذكر أعداد الذين توفوا تهميشاً بالأمراض ولا نريد تصوير مباني المستشفى البالية، كل ما نريده معلومات إرشادية أي أننا سنساعدك كمكتب إعلامي في عملك وصميم شغلك كمكتب إعلام بمستشفى، من أولى أولوياتك التوعية وتكثيف طرقها وعمل حملات ضخمة في كل وسائل الإعلام لتلافي انتشار المرض، وذلك بعكس طرق الوقاية وتعريف المجتمع بها وبطرق انتقالها، ولكنه كان مصراً على رأيه (والله جد)!
وبعد حديث مطول، اقتنع ظاهرياً وذهب باحثاً عن طبيب بعد أن طلبنا منه إحضار طبيب للحديث عن تشابه أعراض المرض بأمراض أخرى، ولكنه عاد مسرعاً وأكد أن لا طبيب بالمستشفى، وهنا سألته (يعني حالياً المستشفى خالية من الكوادر الطبية؟!!) مع العلم أن الساعة كانت الثانية عشرة ظهراً، أجاب لا هنالك أطباء ولكن كنت أبحث عن طبيب مختص في الوبائيات!! (والله جد). ولضاف عليكم إحضار خطاب رسمي من الناطق الرسمي لوزارة الصحة (أنا هنا نططت عيوني) هل الصحة عينت لها ناطقاً رسمياً؟!
خلاصة الأمر، وللعودة إلى كلمة تكليف فقد أضرت هذه الكلمة بكل مؤسساتنا وذلك بتعيين أو تكليف مَنْ ليس لهم خبرة في المجال، فمن حديث هذا المدير المكلف تأكدت تماماً أن لا علاقة له بقبيلة الإعلام ولا بعمله كشخص حتى عادي موجود في مستشفى معني بالوبائيات أي أنه كان يجب أن يكون حريصاً على أمر التوعية، وأيضاً تأكدت لِم دائماً الفأس يقع في رؤوسنا.. لأننا لسنا حريصين على تلافيه، وذلك بزرع متاريس أمام التقدم بتكليف من ليس لهم خبرة ولا دراية و(شغل ما بعرفو).. وهنا أستلف مقولة الصديق أحمد الأمير عند تعجُّبه من بعض الأشياء وحقاً (إعلام بواحد جنيه). 
جرأة أخيرة 
عايزين يساعدوه في حفر قبر أبوه دس المحافير (فهمتوني صح)!!

لمشاركة الخبر عبر شبكات التواصل