خبر ⁄صحة

الروبوتات في أفريقيا... اهتمام متزايد وتحديات تبطئ المسار

الروبوتات في أفريقيا... اهتمام متزايد وتحديات تبطئ المسار

تشهد القارة الأفريقية نمواً متسارعاً في مجال الروبوتات؛ إذ أصبحت هذه التكنولوجيا الحديثة تلعب دوراً محورياً في دعم القطاعات الحيوية، مثل: الزراعة، والصحة، والتعليم، والصناعات الأمنية، وسط اهتمام متزايد من الحكومات والجامعات والمؤسسات البحثية بإدماج الروبوتات في مسارات التنمية الشاملة، رغم التحديات الكبيرة.

وتسير القارة السمراء بخطى ثابتة نحو تبني تكنولوجيا الروبوتات بوصفها جزءاً من التحول الرقمي في مختلف مجالات الحياة، مستفيدة من تجارب ناجحة في دول عدة، وفق دراسة نُشرت بعدد 16 أبريل (نيسان) الماضي من دورية «Science Robotics».

روبوتات اجتماعية وجراحية

واستعرضت الدراسة الكثير من التجارب الناجحة، ففي رواندا تم استخدام روبوتات اجتماعية خلال جائحة «كوفيد-19»، وفي جنوب أفريقيا يتمّ حالياً استخدام روبوتات جراحية متطورة في مستشفى «تايغر بيرغ» بمدينة كيب تاون. كما تم إنشاء مركز «إيركاد أفريقيا» في كيغالي، لتدريب الجراحين على تقنيات الجراحة الروبوتية.

وفي قطاع الزراعة، تلعب طائرات «الدرونز» دوراً مهماً؛ حيث وفّرت طائرات «سكاي باغز» التي طوّرتها شركة «أيروباتكس» في جنوب أفريقيا حلولاً ذكية لمكافحة الآفات الزراعية. وفي المجال الطبي، تولت طائرات «زيبلاين» إيصال الدم والإمدادات الطبية إلى المناطق الريفية بعدة دول؛ منها: غانا، ونيجيريا، وكوت ديفوار، ورواندا، وكينيا. كما طوّرت شركة «إنوڤا روبوتيكس» في تونس روبوتات مراقبة لتعزيز الأمن.

ووفق الدراسة، فإن «شبكة الروبوتات الأفريقية» (AFRON) التي تضم مؤسسات وأفراداً يعملون في هذا المجال، تعزّز من أهمية الروبوتات في أفريقيا، وتهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات التعليم والبحث العلمي والصناعة المرتبطة بالروبوتات. ومنذ إطلاقها في 2012، نمت الشبكة لتضم أكثر من 400 عضو من 51 دولة أفريقية.

كما تُرجم الاهتمام المتزايد في مجال الروبوتات إلى تطور في الجانب الأكاديمي والتعليمي؛ حيث أُنشئت برامج تعليمية متخصصة، مثل بكالوريوس هندسة الروبوتات في جامعة «أشيسي» بغانا. كما ظهرت مبادرات وطنية، مثل: «برنامج الروبوتات الوطني» في رواندا الذي وزّع مئات من أطقم الروبوتات على المدارس. وشهدت مسابقات الروبوتات، مثل «المسابقة الأفريقية للروبوتات» (PARC)، التي أُطلقت في السنغال قبل عدة سنوات؛ توسعاً كبيراً، حيث شاركت فيها فرق من 37 دولة.

وفي إطار تعزيز التعليم الرسمي، تقدم الكثير من الجامعات الأفريقية برامج متخصصة في هندسة الروبوتات، مثل «أكاديمية مدينة الجامعة» في غانا، بالإضافة إلى معاهد تدريب مثل «RAIN» في نيجيريا.

تحديات وحلول مقترحة

على الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، كشفت الدراسة عن أن واقع الروبوتات في أفريقيا لا يزال يواجه جملة من التحديات الكبرى التي تعوق الانتشار الواسع لهذه التكنولوجيا في القارة، وتشمل: ضعف الوصول إلى التعليم المتقدم، وانخفاض عدد طلاب الدكتوراه، وقلة الوصول إلى الحوسبة عالية الأداء، وارتفاع تكلفة أجهزة الروبوتات وندرتها، وانخفاض الاستثمار الوطني في البحث والتطوير، والتوزيع المتباعد لمراكز البحث، مع محدودية التعاون بين الدول الأفريقية.كما تشمل التحديات القيود المفروضة على التنقل والتعاون الدولي، ما يعوق السفر والتعاون بين الباحثين، بالإضافة إلى قلة التعاون بين المؤسسات البحثية داخل القارة.

يقول الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة «كارنيغي ميلون أفريقيا» في كيغالي برواندا، الدكتور ديفيد فيرنون، إن الدول الأفريقية يمكنها تعزيز التعاون لتجاوز ضعف البنية التحتية البحثية عبر عدة طرق، أبرزها تبني الجامعات نهج المصادر المفتوحة في المواد التعليمية، من خلال إتاحة مناهجها مجاناً لأساتذة الجامعات الأخرى، وهذا النوع من المشاركة يقلّل من عبء التحضير ويعزّز الروابط بين المؤسسات.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن المختبرات البحثية والجامعات الأفريقية يمكنها تشكيل شبكات فيما بينها، على غرار «شبكة الروبوتات الأفريقية». كما يمكن للأفراد والمؤسسات المشاركة بشكل أكبر في هذه الشبكة التي أصبحت تُعرف الآن باسم «AfRob».

وبينما يعدّ فيرنون أن مشكلة ضعف البنية التحتية البحثية أكثر تعقيداً، ولا يعتقد أن هناك حلولاً سهلة، أشار إلى أن الروبوتات، خصوصاً الصناعية منها، مكلفة جداً، بالإضافة إلى محدودية الموارد.

وقال إن أحد الخيارات أن تتيح المؤسسات التي تمتلك هذه الروبوتات الوصول إليها للآخرين؛ إما من خلال زيارات ميدانية، وإما عبر توفير إمكانية التحكم بها عن بُعد، على غرار ما تقوم به شركة «Scaleup Robotics AB». ولزيادة الاستثمار في البحث والتطوير المتعلّق بالروبوتات، أشار فيرنون إلى أن هناك خطوتَيْن أساسيتَيْن يجب اتخاذهما، أولهما تسليط الضوء على قصص النجاح في هذا المجال، ونشرها بشكل واسع بهدف إظهار الإمكانيات الكبيرة للروبوتات في أفريقيا، وتأكيد قدرة الباحثين على تحقيق إنجازات مبتكرة.

وثانياً، يجب على الحكومات وصانعي السياسات إعطاء الأولوية للاستثمار في هذا المجال. وقد بدأت بعض الحكومات التركيز على الذكاء الاصطناعي، كما ظهر في قمة الذكاء الاصطناعي العالمية لأفريقيا التي عُقدت في كيغالي مؤخراً.

aawsat.com