أعراض نقص الانتباه وفرط الحركة مرتبطة بجنس المراهق

وجدت دراسة حديثة نُشرت في نهاية شهر أبريل (نيسان) من العام الحالي في مجلة «علم نفس الطفل والطب النفسي» (the Journal of Child Psychology and Psychiatry) أن الأعراض المميزة لكل نوع من أنواع اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) مرتبط بشكل وثيق، بجنس المراهق.
أنواع الاضطراب
هناك 3 أنواع رئيسية للاضطراب، يتميز كل نوع منها بسيطرة عرض معين على بقية الأعراض. ويتميز النوع الأول بسيطرة أعراض نقص الانتباه بشكل أكثر وضوحاً من فرط الحركة، أما النوع الثاني فعلى عكس الأول، يتميز بسيطرة فرط النشاط البدني بشكل اندفاعي. ويكون النوع الثالث خليطاً من النوعين السابقين.
وتبعاً للدراسة الحالية، في الأغلب تكون سيطرة عرض معين مرتبطة بجنس المراهق؛ حيث تعاني الفتيات من النوع الأول (خصوصاً في فترة المراهقة) بينما يُعاني الفتيان من النوع الثاني.
وأكد الباحثون من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا (NTNU) أن العلاقة بين أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وحدوث القلق المرضي وثيقة جداً؛ بل ومتلازمة في معظم الأحيان، وتؤدي لدخول المراهق في دائرة مفرغة لا تنتهي حسب جنسه، وهو الأمر الذي يضاعف من معاناته.
ومن المعروف أن أعراض نقص الانتباه وفرط الحركة في الأغلب تؤدي إلى حدوث مشكلات نفسية واجتماعية كثيرة للمصاب. وعلى سبيل المثال فإن نقص الانتباه يسبب التراجع الدراسي وعدم الدراية بالأحداث المحيطة بالمراهق، وعدم القدرة على تنفيذ الأوامر بدقة، بسبب عدم التركيز، ومن ثم يسبب العزلة المجتمعية والتنمر والحزن.
أما في حالة فرط الحركة في الأغلب، فيعاني المراهق من نفور وانزعاج المحيطين به، نتيجة عدم قدرته على البقاء في مكان ثابت، وعدم قدرته على الاستماع لفترات طويلة، فضلاً عن اندفاعه. ونتيجة لذلك، تفاقم الأعراض في الحالتين من الشعور بالقلق، وكذلك الإصابة بالقلق تفاقم من الأعراض، وهكذا.
وتُعد هذه الدراسة هي الأولى التي توضح أن أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تختلف بشكل واضح باختلاف الجنس؛ لأن الدراسات السابقة لم تركز على اختلاف الجنس بوصفه عاملاً أساسياً في سيادة نمط معين من الأعراض، وربما يُفسر ذلك زيادة نسبة حدوث القلق في الفتيات في أثناء المراهقة؛ لأن نقص الانتباه هو العرض المسيطر في المرض، بعكس الذكور الذين يتحركون طوال الوقت، ومن ثم لا يعانون من القلق بالقدر نفسه.
وقد قام الباحثون بمراجعة بيانات ما يزيد على ألف طفل من الذين وُلدوا في الفترة بين عامي 2003 و2004، وقاموا أيضاً بمراجعة البيانات الخاصة بأولياء أمورهم، وتمت متابعة المشاركين من الأطفال والبالغين مرة كل عامين، منذ أن كان الأطفال في الرابعة من عمرهم (الطفولة المبكرة) ومروراً بمرحلة المراهقة وحتى بلوغهم سن الثامنة عشرة (نهاية الطفولة طبياً).
اختلاف نمط الأعراض
وجد الباحثون أن القلق يزداد بشكل ملحوظ لدى الأطفال في سن مبكرة، تصل إلى 12 عاماً، وإذا تم المسح المبكر عن أعراض نقص الانتباه قبل هذه السن -ربما في سن الثامنة- فيمكن تشخيص الاضطراب والتدخل الفعال للحد من تفاقم الأعراض؛ سواء نقص الانتباه أو القلق، خصوصاً في الفتيات.
وأوضحت الدراسة أن اختلاف نمط الأعراض المرتبط بجنس المراهق يلعب دوراً مهماً في لفت النظر إلى المشكلات النفسية المرتبطة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط وتشخيصها المبكر، والتدخل السريع لحلها.
وعلى سبيل المثال، فإن الفتيات المصابات بالقلق المرضي نتيجة لإصابتهن بنقص الانتباه (العرض الأكثر وضوحاً في الفتيات) في الأغلب لا يتم تشخيصهن مبكراً؛ لأن أعراض نقص الانتباه غير واضحة ولا تسبب مشكلات للمراهِقة في المنزل أو المدرسة. ويتم التعامل مع نقص التركيز على أنه نوع من الخجل أو الانطواء والشرود، أو حتى الكسل، مما يضاعف من الآثار النفسية السلبية للقلق.
في المقابل، في الأغلب يتم تشخيص المرض مبكراً في المراهقين الذكور؛ لأن العرَض الأكثر وضوحاً هو فرط النشاط الاندفاعي الذي يظهر بوضوح للآخرين، مثل عدم القدرة على البقاء في مكان واحد مدة طويلة، والتململ الشديد، وعدم القدرة على الانتظار، ومقاطعة الآخرين في أثناء التحدث أو اللعب، وعدم القدرة على الجلوس ومغادرة المقعد، وكل هذه التصرفات تسبب مشكلات وإزعاجاً دائماً للمحيطين بالمراهق، سواء في المنزل أو المدرسة، ما يتطلب سرعة التدخل والتعامل مع الاضطراب بشكل فوري، بعكس الفتيات.
ونتيجة لأن الفتيات أكثر عرضة للتأثر بالأحداث السلبية -مثل التنمر- يصبحن أكثر عرضة للاكتئاب أيضاً. وفي الأغلب يتم تشخيصهن في مرحلة متأخرة من حياتهن، ما يضيع فرص التدخلات النفسية والسلوكية المبكرة التي تساعد في الحد من تطور أعراض القلق. لذلك يُعد الالتفات إلى الأعراض المبكرة لنقص الانتباه نوعاً من الحماية النفسية لهؤلاء الفتيات؛ حيث تشير البحوث السابقة إلى أن احتمالية تشخيص وعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في الفتيات أقل بـ16 مرة من الفتيان.
وأوضح الباحثون أن تأخر تشخيص الاضطراب في الفتيات، هو نتيجة أيضاً للصورة النمطية عن الإناث. وعلى سبيل المثال يتم التعامل مع نقص الانتباه على أنه راجع للشرود الذهني وأحلام اليقظة الملازمة للمراهقات، ويتم التعامل مع فرط النشاط على أنه راجع للتصرفات العاطفية للفت النظر، ما يؤخر تشخيص الفتيات إلى مرحلة البلوغ، بعد أن تكون الأعراض قد تفاقمت بالفعل.
في النهاية، نصحت الدراسة بضرورة عمل مسح مبكر لجميع الأطفال في المدارس والنوادي لمعرفة الأطفال الأكثر عرضة لحدوث المرض -خصوصاً الفتيات- والتدخل السريع لعلاجهم، حتى يمكن حمايتهم من المشكلات النفسية لاحقاً.
* استشاري طب الأطفال.
aawsat.com