لقاح فيروس الروتا عند الولادة يعزز صحة ميكروبات الأمعاء

أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مطلع شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة Nature Communications، أن الأطفال الذين تلقوا لقاح فيروس الروتا (RV3-BB) عند الولادة لديهم كميات من البكتيريا النافعة في أمعائهم أكثر من أقرانهم في نفس العمر، مما يوفر لهم حماية أفضل من العدوى خلال الأسابيع الأولى من حياتهم.
فيروس معوي
أوضح الباحثون من معهد مردوخ لأبحاث الأطفال (Murdoch Children's Research Institute) في أستراليا أن هذا الاكتشاف سيمهد الطريق أمام الباحثين لتحسين الحالة الصحية للأطفال الصغار المصابين بالتهاب المعدة والأمعاء الحاد كنتيجة مباشرة للإصابة بفيروس الروتا خصوصاً للأطفال الذين يعيشون في بلدان تفتقر إلى الرعاية الصحية الجيدة.
وقام الباحثون بتطوير لقاح الروتا (RV3-BB) الذي ثبتت سلامته وفاعليته بالفعل في التجارب السريرية السابقة في أستراليا ونيوزيلندا وإندونيسيا ومالاوي، ثم جمعوا عينات براز من 300 طفل تقريباً في مالاوي وإندونيسيا كانوا قد تلقوا جميعاً جرعات كاملة من اللقاح (ثلاث جرعات)؛ إما ضمن جدول جرعات حديثي الولادة (الجرعة الأولى في خلال 0 إلى 5 أيام من الولادة)، وإما ضمن جدول جرعات الأطفال (الجرعة الأولى بداية من عمر 6 إلى 8 أسابيع)، وحُللت العينات باستخدام تقنيات متقدمة.
أهمية توقيت الجرعة الأولى للقاح
أظهرت النتائج أن توقيت الجرعة الأولى من لقاح الروتا كان مهماً جداً بشكل مزدوج، لأن إعطاء اللقاح بعد الولادة مباشرةً أو بعدها بفترة بسيطة يمكن أن يسهم في تشكيل وتطوير ميكروبيوم الأمعاء بشكل مبكر خلال الأشهر الأولى من الحياة، مما ينعكس بالإيجاب على الجهاز المناعي. كما أن إعطاء اللقاح مبكراً وتطور الأمعاء يجعل الجسم أقدر على امتصاص اللقاح بشكل أفضل، وبالتالي يُحسِّن من استجابة الجسم له بشكل سريع.
إعطاء اللقاح قبل التعرض للبكتيريا الضارة
وجدت الدراسة أيضاً أن الاستجابة للقاح عند إعطائه منذ الولادة ترتبط بالتوازن بين البكتيريا الجيدة والضارة في الأمعاء، إذ كانت الاستجابة القوية للقاح أكبر في الأطفال الذين لديهم نسبة أعلى من البكتيريا الجيدة بينما كانت أقل في الأطفال الذين لديهم نسبة أكبر من البكتيريا الضارة.
وأكد الباحثون ان إعطاء اللقاح في أسرع وقت ممكن بعد الولادة (قبل تعرض الأطفال للبكتيريا الضارة في بيئتهم) يمكن أن يساعد على تحسين الاستجابة لمفعول لقاح فيروس الروتا (الذي يتم تناوله عن طريق الفم وامتصاصه في الأمعاء) مما يوفر حماية سريعة للأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم خصوصاً في البلدان منخفضة الدخل.
آلاف الوفيات بسبب فيروس الروتا
ويُعد فيروس الروتا هو السبب الأكثر شيوعاً للإسهال الحاد عند الأطفال دون سن الخامسة، إذ يتسبب في حدوث ما يزيد على 230 ألف حالة وفاة سنوياً خصوصاً في البلدان التي تفتقر إلى الرعاية الصحية الجيدة. وعلى الرغم من الفاعلية الكبيرة للقاح في الحماية من الإسهال فإنه لا تزال هناك عدة عقبات تَحول دون وصوله إلى الأطفال في أفريقيا؛ مثل تكاليف برنامج التطعيم نفسه الذي يحتاج إلى إعطاء جدول كامل من ثلاث جرعات في الوقت المناسب (يفضل أن يُعطى بشكل روتيني في الأسابيع الأولى من الحياة).
دور الميكروبيوم
من المعروف أن ميكروبيوم الأمعاء (البكتيريا والفيروسات والفطريات الموجودة في الأمعاء السليمة) يساعد على الهضم إلى جانب دوره المهم في تنظيم جهاز المناعة ومقاومة الأمراض المختلفة. وعند الولادة وبعدها مباشرةً يكون ميكروبيوم الأمعاء غير ناضج بالشكل الكافي للمساعدة في الهضم بالشكل المثالي.
وبالطبع تمثل اللقاحات عن طريق الفم نوعاً من التحدي للجهاز الهضمي. ولذلك تُعد نتائج هذه الدراسة بالغة الأهمية لأنها توفر الحماية من الفيروس إلى جانب الحفاظ على الميكروبيوم المعوي.
aawsat.com