دعوات للتحقيق في تصاريح رسمية بعبور طائرات يرجح أنها نقلت أسلحة للدعم السريع

الخرطوم، 3 مايو 2025 ــ حصلت “سودان تربيون” على معلومات تفيد بصدور تصاريح لعبور طائرات شحن عسكرية أجواء السودان إلى تشاد ، يُرجّح أنها كانت تحمل شحنات سلاح وعتادًا حربيًا إلى قوات الدعم السريع خلال 2023، وسط دعوات للتحقيق مع الجهات التي اصدرت تلك التصاديق دون علم السلطات العسكرية الحاكمة.
وكانت السلطات استثنت رحلات الإغاثة وإجلاء الأجانب من قرار إغلاق المجال الجوي، الذي أصدرته بعد اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023، قبل أن تفتح المسار الشرقي أمام حركة عبور الطيران اعتبارًا من 31 يوليو 2024.
وقالت مصادر ذات صلة بالطيران المدني لـ”سودان تربيون”، إن “دائرة النقل الجوي أصدرت تصاريح عبور لـ 109 رحلات جوية لطائرات شحن عسكرية من طراز إليوشن إيل ــ 76، دون علم الجيش، في الفترة بين مايو ويوليو 2023”.
وأفادت بأن طائرات الشحن العسكرية أقلعت من الإمارات مرورًا بمطار عنتيبي في أوغندا، ومنه إلى جنوب السودان قبل عبور المجال الجوي السوداني، لتهبط في مطار أم جرس في تشاد.
ويتهم السودان الإمارات بتزويد الدعم السريع بالأسلحة التي تصلها عبر رحلات جوية تهبط في مطار أم جرس، وبعدها تُنقل إلى غرب دارفور، ومنها إلى مواقع العمليات العسكرية في دارفور وغيرها.
وتوضح المعلومات التي حصلت عليها “سودان تربيون” أن الرحلات الجوية التي عبرت السودان عبر تصاريح قامت بها 9 طائرات، منها طائرة UR-ZAR (ZetAvia) المسجلة في أوكرانيا، وطائرتا EX-76005 وEX-76008 (Sapsan Airlines/Bu Shames FZE) المسجلة في قيرغيزستان، وطائرات UR-FSA وUR-FSC وUR-FSE (Fly Sky Airlines) المسجلة في أوكرانيا.
وقالت المصادر إن وكيل تحصيل رسوم العبور الجوي طلب من الموظفين إصدار فواتير مالية لرحلات طائرات الشحن العسكرية لاحقًا، رغم أن التصاريح صدرت دون علم أو موافقة المسؤولين في الجيش.
وأوضحت أن المجال الجوي الجنوب السوداني كان يخضع لسيطرة الملاحة الجوية بالخرطوم، وفق اتفاق أبرمته منظمة الطيران المدني الدولي في 2016.
وطالبت بفتح تحقيق فوري للكشف عن الجهة التي أصدرت تصاريح المرور، على أن يشمل التحقيق جميع أفراد وضباط دائرة النقل الجوي الذين كانوا في مواقع المسؤولية خلال الفترة من مايو إلى سبتمبر 2023.
وتسمح دائرة النقل الجوي بعبور الطائرات أجواء السودان بعد تقديم طلب قبل 24 ساعة يتضمن معلومات أحرف التسجيل والنداء والرمز والحمولة ومكان الإقلاع ومقر الهبوط، كما أن بعض تصاريح العبور تتطلب العودة إلى وزارة الخارجية والأجهزة العسكرية.
تفاصيل مثيرة للرحلات
وتضمنت المعلومات التي حصلت عليها “سودان تربيون” تفاصيل 9 طائرات نقل عسكرية عبرت أجواء السودان خلال الفترة من 16 مايو إلى 15 يوليو 2023، في 57 رحلة على الأقل.
وأفادت المصادر بأن 4 من هذه الطائرات مُسجلة في أوكرانيا، والبقية في قيرغيزستان، منها سابسان للطيران ونيو وأي للشحن الجوي وفلاي سكاي إيرلاينز وخطوط طيران فلاي سكاي وزيتافيا الطريق الجديد للشحن.
وتتمثل الـ 57 رحلة التي تحققت منها “سودان تربيون” في 39 رحلة نظمتها شركة فلاي سكاي إيرلاينز، و10 رحلات نظمتها سابسان، و5 رحلات للطريق الجديد، و3 رحلات لزيتافيا.
وفي 15 أكتوبر 2024، قال مرصد النزاعات المدعوم من وزارة الخارجية الأمريكية إنه تتبع 35 رحلة بين يونيو 2023 ومايو 2024 من الإمارات إلى مطار أم جرس لنقل الأسلحة إلى قوات الدعم السريع.
وأفاد المرصد بأن ثلاثًا من أصل أربع طائرات أقلعت من الإمارات إلى مطار أم جرس لها تاريخ في تهريب الأسلحة، حيث كانت جزءًا من جسر جوي إماراتي لدعم خليفة حفتر في ليبيا، منها الطائرتان EX-76003 وEX-76010.
وبيّن أن صور الأقمار الصناعية تؤكد وجود بنية عسكرية في مطار أم جرس، بما في ذلك حظائر الطائرات والسواتر، مما يثير شكوكًا حول أن بناء المطار مخصص فقط للمستشفى في منطقة أم جرس.
وتقول الإمارات إنها أنشأت مستشفى في منطقة أم جرس لعلاج الفارين من النزاع في السودان، لكن اللاجئين يتواجدون في مدينة أدري، وكثير منهم نظموا احتجاجات على استخدام أبو ظبي لمطار أم جرس.
وأفادت وكالة رويترز في 12 ديسمبر المنصرم بأنها رصدت إقلاع 170 رحلة جوية مركزها الإمارات إلى مطار أم جرس، منها 86 رحلة على الأقل أقلعت من مطارات العين وأبو ظبي ورأس الخيمة.
وقالت إن كثيرًا من الرحلات الجوية توقفت لفترة وجيزة في مطارات نيروبي ومومباسا في كينيا، ومطار عنتيبي في أوغندا، ومطار كيغالي في رواندا، ومطار بوصاصو في ولاية بونتلاند شبه المستقلة في الصومال.
تحويل خط النقل
وذكرت المصادر لـ”سودان تربيون” أن الاكتشاف والضغوط التي مُورست على الإمارات لاستخدامها مطار أم جرس في تزويد الدعم السريع بالأسلحة والعتاد الحربي، دفعها إلى تغيير وجهات الجسر الجوي.
وأفادت بأن أبو ظبي تحولت إلى نقل الأسلحة للدعم السريع من نقاط تجمع وتفريغ وإعادة تشوين في مطارات وموانئ خمس دول أفريقية، مركزها القاعدة العسكرية البحرية الإماراتية في مدينة بوصاصو الصومالية.
وقالت إن الأسلحة تُنقل من هذه القاعدة عبر جسر جوي يمر عبر نيجيريا وأفريقيا الوسطى وجيبوتي، وصولًا إلى مطاري إنجمينا وأبشي في تشاد، ومنه إلى مطار نيالا بجنوب دارفور.
وهبطت أول رحلة في مطار نيالا الدولي في 21 سبتمبر 2024، بعد فترة وجيزة من إعادة تشغيله بواسطة الدعم السريع، التي شددت حمايته عبر أنظمة تشويش وحماية جوية يُرجّح أنها حصلت عليها من الإمارات.
وأوضح مسؤول سابق في الحكومة السودانية أن الرصد عبر جهاز الاستطلاع الراداري “FLIGHT RADAR 24 HOURS” ومنظومة جهاز الاستطلاع الحديثة “ADS.B TRACKER”، يؤكد هبوط 115 رحلة على الأقل في مطار نيالا.
وقالت المصادر إن معظم الرحلات التي تهبط في مطار نيالا تقلع من مطار “بوصاصو” بالصومال مرورًا بمطاري إنجمينا أو أبشي، كما أن بعض الطائرات تهبط في مهابط ترابية في جنوب وغرب كردفان.
وأشارت إلى أن الرحلات التي تقلع من “بوصاصو” أو من قاعدة عسكرية داخل مطار جيبوتي تتراوح حمولتها بين 100 إلى 120 طنًا، حيث تهبط في مطار إنجمينا، وبعده تُغلق الطائرات جهاز “TRANSPONDER” لمنع استقبال إشارات الرادار وللحيلولة دون ظهور الرحلات على شاشات أنظمة الاستطلاع، لتكون وجهتها النهائية مطار نيالا.
وفي 24 أبريل 2025 قالت صحيفة “ميدل ايست أي” إن أبو ظبي تستخدم أحد المطارات في الصومال بشكل يومي لتهريب السلاح لقوات الدعم السريع في السودان.
ونقلت الصحيفة عن مصدر، لم تسمه، قوله إن أبو ظبي تستخدم مطار بوصاصو يوميا لدعم قوات الدعم السريع، حيث تصل طائرات شحن كبيرة بانتظام لتحميل الأسلحة والذخائر، وأحيانا تصل إلى خمس شحنات كبيرة في المرة الواحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أبوظبي نشرت راداراً عسكرياً في منطقة بونتلاند الصومالية في وقت سابق من هذا العام للدفاع عن مطار بوصاصو ضد هجمات الحوثيين المحتملة من اليمن.
ونشرت الصحيفة صورة من الأقمار الصناعية التقطت في أوائل شهر مارس، قالت إنها لرادار إسرائيلي الصنع من نوع ELM-2084 3D النشط إلكترونيا الممسوح ضوئيا، وقد تم تركيبه بالقرب من المطار.
وقال مصدر إقليمي: “قامت الإمارات بتركيب الرادار بعد وقت قصير من فقدان الدعم السريع السيطرة على معظم الخرطوم في أوائل مارس”.
وكشفت المصادر التي تحدثت لسودان تربيون أن رحلات الجسر الإماراتي إلى نيالا، كانت تغادر فارغة بعد تفريغ حمولتها من العتاد الحربي، لكنها في الفترة الأخيرة أصبحت تغادر بوزن وحمولة تماثل وزن وحمولة رحلة الوصول.
ورجّحت أن تكون الدعم السريع أصبحت تهرّب الصمغ العربي والذهب والنحاس والآثار، وإخلاء مقاتليها الجرحى، عبر الطائرات التي تصل مطار نيالا محمّلة بالعتاد الحربي.
وتنقّب شركة الجنيد المملوكة للدعم السريع عن الذهب في مناجم سنقو والردوم بولاية جنوب دارفور، كما تفرض القوات رسومًا تُؤخذ عينيًا على آلاف المعدنين الأهليين الذين ينتجون المعدن الأصفر في هذه المناطق.
وأفاد فريق خبراء الأمم المتحدة، في تقرير نُشر في أبريل المنصرم، بشراء الدعم السريع وتجار مقربون منها الذهب من حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، المستخرج من منجم يقع شرق جبل مرة.
وقال إن هذا المنجم يتراوح إنتاجه بين كيلوجرامين إلى ثلاث كيلوجرامات يوميًا، حيث يُباع الكيلو الواحد في المناجم بمبلغ 72 ألف دولار، بينما يصل سعره في الأسواق الرسمية إلى 85 ألف دولار.
ونهبت قوات الدعم السريع جميع الآثار في المتحف القومي بالخرطوم ــ عدا قطعة أثرية واحدة ــ كما نهبت نيازك نادرة من معرض الظواهر الطبيعية.
sudantribune.net