خبر ⁄سياسي

شاب سوداني يروي لـ التغيير رحلة الفرار من الحرب و العيش و النضال في المنفى

شاب سوداني يروي لـ التغيير رحلة الفرار من الحرب و العيش و النضال في المنفى

 

في مارس من العام 2023 وصل الشاب السوداني العشريني أحمد ياسر إلى أوغندا حاملا في حقيبته الصغيرة قصصاً من وطن احترق وأحلاماً لم تكتمل بعد، و لم يكن السفر خياراً بل فراراً قسرياٍ وملحاً فرضته حرب طاحنة اندلعت في منتصف أبريل من العام نفسه بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

التغيير – فتح الرحمن حمودة

وفي العاصمة كمبالا يحاول أحمد أن يواصل بناء حياة جديدة بعد أن دفعته حرب الجنرالات التي دخلت عامها الثالث إلى طريق المنفى وفي حديثه لـ «التغيير» يكشف أحمد تفاصيل رحلته الشاقة من السودان إلى أوغندا وكيف تحول من ناشط ثوري إلى لاجئ يحاول النجاة دون أن يتخلى عن قضيته وأحلامه.

وقال أحمد «لم أصل كمبالا سياحة بل وصلتها هارب من حرب فرضت علينا » بهذه العبارة افتتح أحمد حديثه مشيرا إلى لحظة التحول الكبرى في حياته فقد كان أحد المشاركين في ثورة ديسمبر ويؤمن بسودان مدني ديمقراطي لكن بعد اندلاع القتال تغير كل شيء.

و أوضح أنه بعد الحرب أصبح وجوده في البلاد محفوفا بالمخاطرلا سيما بعد تصاعد العنف وتحول الفضاء العام إلى ساحة تهديد مستمر للنشطاء والمواطنين العاديين على حد سواء ويقول: « كنت أشعر أني مستهدف ونشاطي المعروف وضعني في خطر لذلك قررت أن أغادر البلاد حفاظا على حياتي».

الشاب الذي وصل إلى أوغندا في مارس 2024 واجه منذ اللحظة الأولى صدمة ثقافية ومعيشية قاسية فمن اللغة إلى العزلة ومن عدم الاستقرار إلى غياب الدخل يقول لـ « التغيير » أول التحديات التي واجهتني كانت اللغة حيث أحسست بأني غريب تماما لكن قررت أبدأ من جديد سجلت في كورسات لغة  وفعلا بدأت أتأقلم شوية شوية على حد تعبيره.

وعلى الرغم من أن الغربة  مرهقة نفسيا إلا أن أحمد تمسك بحلمه في إكمال تعليمه وهو حلم كان قد تعطل بسبب الحرب و أضاف “كنت في انتظار جامعتي في البلاد تفتح أبوابها أونلاين على الأقل وفي ذلك الوقت بدأت بمتابعة كورسات من جامعة ماكيريري في كمبالا لأن التعليم هنا وسيلة للبقاء والاستمرار”.

ويمضي أحمد في حديثه موضحا أن الوضع الاقتصادي مع ارتفاع تكاليف الحياة من إيجار ومعيشة ومواصلات كانت كلها من مسؤولياته لذلك لم يكن أمامه خيار سوى الاعتماد على نفسه،  فعمل في تجارة بسيطة تساعده في توفير متطلباته من جهة ومتطلبات أسرته العالقة في السودان من جهة أخرى ويضيف أنه رغم الضغوط وسع نشاطه ليشمل قضايا اللجوء والسلام ومناهضة الكراهية.

وعلى الرغم من غياب المواكب السلمية إلا أن أحمد يقول إنه وجد في العالم الرقمي منبرا جديداً للنضال حيث انخرط في العمل عبر الحملات الإعلامية عبر الإنترنت لموقفه الرافض للحرب ويشير إلى أنه عمل في حملة لمناهضة خطاب الكراهية معتبرا إياه أحد أخطر أسباب استمرار الحرب الحالية.

ومن خلال حديثه لم يكن أحمد يروي مجرد تفاصيل شخصية بل يوجه رسالة لأقرانه قائلا على الشباب في المنافي أن يستثمروا أوقاتهم فيما ينفع ويضيف في رسالته و جب عليهم ألا يضيّعوا الوقت لأن العالم يمضي بوتيرة سريعة والشيء الوحيد الذي يجعلك واقفا هو الشهادة والمعرفة لأنها الأسلحة الحقيقية.

وفي ختام حديثه أطلق الشاب رسالة مؤثرة قائلا “إن الحرب لم تأت إلينا سوى بالخراب والدمار ولا بد من إيقاف خطاب الكراهية والعودة إلى تحكيم صوت العقل لأن السودان بحاجة إلينا لتعميره لا دفنه بالحرب”، وقصة الشاب أحمد ليست استثناء بل صورة مصغرة لواقع آلاف الشباب السودانيين الذين حملوا شعلة الثورة ثم وجدوا أنفسهم في المنافي هم ليسوا ضحايا فقط بل فاعلون يصنعون الأمل.

altaghyeer.info