خبر ⁄سياسي

كنوز السودان الضائعة.. هل تنجح اليونسكو والإنتربول في فك شفرة النهب

كنوز السودان الضائعة.. هل تنجح اليونسكو والإنتربول في فك شفرة النهب

متابعات- نبض السودان

استعان السودان بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، والشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول”، في خطوة جادة لاسترجاع الآثار المنهوبة التي استولت عليها قوات الدعم السريع عقب اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، والتي شملت المتحف القومي ومواقع أثرية أخرى في الخرطوم.

المتحف القومي.. بداية الاستيلاء والتخريب

منذ الأيام الأولى للصراع، سيطرت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” على المتحف القومي في منطقة المقرن وسط الخرطوم، والذي يعود افتتاحه إلى عام 1971. هذا المتحف يضم آلاف القطع التي تؤرخ لمراحل الحضارة السودانية من العصر الحجري حتى الفترة الإسلامية، وكان الغرض من إنشائه إنقاذ الآثار من الغرق بسبب السد العالي في أسوان.

وفي 22 مارس 2025، أعلن الجيش السوداني استعادته لعدد من المواقع السيادية، من بينها المتحف القومي، في خطوة وصفت بأنها بالغة الأهمية لحماية ما تبقى من التراث القومي السوداني.

فريق دولي بقيادة اليونسكو لاستعادة الآثار

كشفت د. غالية جار النبي، مديرة الهيئة القومية للآثار والمتاحف، عن تشكيل فريق دولي من الآثاريين بمبادرة من اليونسكو للعمل على استعادة القطع الأثرية التي تم نهبها، في ظل ما وصفته المنظمة بأنه “هجوم واسع النطاق”. وقد بدأت بالفعل عمليات البحث والتقصي بالتعاون مع الإنتربول وعدد من المتاحف العالمية لرصد وتتبع الآثار المنهوبة التي تم تهريبها عبر دول الجوار.

وأكدت جار النبي أن السودان بحاجة إلى تنسيق دولي وموارد كبيرة للمضي قدمًا في هذه المهمة، قائلة: “لا يمكننا القيام بذلك بمفردنا”.

تحذيرات دولية ومطالبات بوقف الاتجار بالآثار السودانية

حذرت منظمة اليونسكو في بيان لها تجار الآثار وجامعي التحف من شراء أو تداول أو نقل ملكية الآثار السودانية، معتبرة أن أي عملية تهريب أو بيع لهذه القطع يشكل تهديدًا لهوية السودان الثقافية، ويؤثر سلبًا على جهود تعافي البلاد.

نهب ممنهج ومستودعات مدمرة

توضح تقارير الهيئة القومية للمتاحف والآثار أن قوات الدعم السريع نهبت آلاف القطع من مستودعات تحتوي على أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي كل الحقب التاريخية، وهو ما يمثل خسارة ثقافية فادحة لا تُقدّر بثمن.

القائمة الحمراء والاتفاقيات الدولية

أشارت رئيسة لجنة استرداد الآثار السودانية، إخلاص عبد اللطيف، إلى أن الجهود تتم عبر مسارات محلية وإقليمية ودولية، في إطار اتفاقية اليونسكو لعام 1970، وبدعم من المجلس الدولي للمتاحف. وقد أُدرجت الآثار المنهوبة على قاعدة بيانات الإنتربول الخاصة بالأعمال الفنية، كما تعهدت اليونسكو بتقديم دعم متكامل في مجال الثقافة والإعلام.

وأضافت عبد اللطيف أن السودان مصمم على استعادة تاريخه، رغم التحديات المعقدة، مؤكدة أن ما تعرضت له المتاحف السودانية هو تدمير لحضارة تمتد لسبعة آلاف سنة، مشيرة إلى متاحف عدة تم نهبها وتدميرها، منها متحف بيت الخليفة، ومتحف القصر الجمهوري، ومتحف القوات المسلحة، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف السلطان علي دينار.

باحثون يحذرون: السرقة تمثل محوًا للذاكرة الوطنية

اعتبر الباحث في الآثار، حمدتو محمد، أن سرقة وتدمير الآثار يعد “محوًا للذاكرة السودانية”، حيث أن فقدانها يقطع الصلة بين الحاضر والماضي، موضحًا أن العديد من القطع المنهوبة كانت قيد الدراسة ولم تُعرف أسرارها بعد.

وأبدى تخوفه من أن تكون هذه الكنوز قد وصلت إلى الأسواق السوداء العالمية، ما يعقّد من فرص استردادها مستقبلًا، مشيرًا إلى ما حدث سابقًا في العراق وسوريا من عمليات مشابهة، وما بذل من جهود دولية لاسترجاعها لاحقًا.

كارثة ثقافية تهدد الهوية الوطنية

تعرضت الآثار السودانية لهجوم ممنهج عبر النهب والتخريب، بهدف طمس الهوية الوطنية، مما أدى إلى فقدان نسبة كبيرة من مقتنيات المتاحف، وهو ما وصفه مراقبون بأنه “واحدة من أبشع عمليات التخريب الثقافي في التاريخ الحديث”.

ويأمل السودانيون أن تنجح الجهود المشتركة بين السودان واليونسكو والإنتربول في تتبع الآثار المنهوبة، واستعادتها، وترميم ما تبقى منها، بما يحفظ هذا الإرث العظيم للأجيال القادمة، ويعيد للسودان جزءًا من تاريخه المنهوب وهويته الثقافية المهددة بالضياع

nabdsudan.net