خالد عمر يوسف يكتب: زيارة ترامب للسعودية وقطر والإمارات نقطة تحول

زيارة ترامب للسعودية وقطر والإمارات نقطة تحول
خالد عمر يوسف
مثلت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية وقطر والإمارات نقطة تحول رئيسية في معادلات الإقليم الاقتصادية والسياسية والأمنية، مدشنة عهداً جديداً يعلي من راية السلم وإنهاء النزاعات، ويستبدل ذلك بمعادلة جديدة قائمة على تبادل المنافع الاقتصادية والتركيز على مستقبل مزدهر ومتطور يعود بالفائدة على المنطقة وشعوبها.
تقع السعودية والإمارات وقطر في إقليم ملتهب تحيط به النزاعات منذ عقود عديدة شهدت تحولات مهولة. يقود هذه البلدان جيل جديد من القادة الذين مزجوا ما بين الحكمة التقليدية الموروثة من أسرهم الحاكمة، وما بين الفهم العميق للمشهد الجيوسياسي ومتطلبات التطور والتحديث اللازمة لنقل بلدانهم للمواكبة مع عصر سريع في تغييراته، وكيفية تكييف أوضاعهم الداخلية وموارد بلدانهم بشكل يستوعب المعادلات الاقتصادية والأمنية والسياسية من حولهم، لذا فإن نموذج الشراكات التي أسستها هذه الزيارة مع الولايات المتحدة الأمريكية، سيكون له أثر عميق على التحولات التي ستحدث مستقبلاً في الإقليم، تستبدل لغة النزاعات بلغة التعاون والتكامل والازدهار وهو ما سيعود بالخير على شعوب المنطقة بأسرها.
كم كنا نتمنى أن يكون سوداننا الحبيب في وضع غير الذي يعيشه اليوم ليحصد ثمرات هذا التحول عبر التكامل والتعاون البناء، ولكن في ذات الوقت الذي كان جيراننا يحتفون فيه بالوصول للفضاء والاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة، أظلمت سماء بلادنا بلغة الموت والخراب و”البل” فبئس الطالب والمطلوب.
حبا الله السودان بكل مقومات النمو والتطور وافتقر شيئاً رئيسياً هو الحكم الرشيد الذي يوحد البلاد وأهلها ويضع مصلحة الشعب فوق مصالح القادة، كما ابتلي بحكم نظام شمولي إرهابي دام لثلاثة عقود، قسم البلاد وزرع كل عوامل الضعف في تكوينها وحين رغب الشعب في التغيير، فجر في وجهه كل التناقضات التي خلقها داخلياً وخارجياً، رغبة في التشبث بسلطة لا هدف منها سوى مصالح ضيقة تتناقض جوهرياً مع كل مقومات النماء والتطور.
يمكننا كسودانيين أن نخرج بلادنا من هذه الهوة العميقة التي سقطت فيها. يمكننا استبدال الصراع بالتعاون، والحرب بالبناء، والنزاع بالحوار.
يمكننا أن نشيد دولة عظيمة تحول تعددها لقوة، وموقعها لجسر للتعاون، ومواردها لثراء لشعبها وتكامل مع محيطها، نزود عن بلادنا سوياً من كل خطر خارجي ونمتنع عن أن نكون مصدر تهديد سلبي لأي جهة من حولنا.
هذا كله ممكن ليس بعد عقود بل اليوم والآن، متى ما حكمنا صوت الحكمة والعقل، ووعينا الدرس الرئيسي وهو أن الأوطان لا تبنى بالحروب والتطرف بل بالحكم الرشيد والتعقل، الذي ينهض على قاعدة التراضي الشعبي لا الهيمنة القسرية.
altaghyeer.info