خبر ⁄سياسي

حزب الله يختبر شعبيته شرق لبنان بأول انتخابات بعد الحرب

حزب الله يختبر شعبيته شرق لبنان بأول انتخابات بعد الحرب

تخطّت المعركةُ الانتخابية في البقاع، شرق لبنان، الجانبَ العائلي والمعاييرَ المحلية، إذ اكتسبت بُعداً سياسياً، تمثل في مساعي «حزب الله» لاختبار شعبيته بالبقاع الشمالي، في أول استحقاق انتخابي بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، فيما كانت الأحزاب المسيحية تختبر تحالفاتها السياسية في مدينة زحلة.

وانطلقت صباح الأحد الانتخابات البلدية والاختيارية في البقاع، وسط تدابير أمنية مشددة وانتشار كثيف للقوى الأمنية بمحيط مراكز الاقتراع، كما سجل انتشار كثيف للجيش اللبناني عند مستديرة المنارة وأمام سراي زحلة؛ تحضيراً لزيارة وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار.

وتركزت الأنظار على المعركة الانتخابية في مدينة زحلة التي شكلت «أمّ المعارك الانتخابية وكُبْرَاها»، وفق ما تقول مصادر المدينة، التي ترى أن المنافسة تتخذ الطابع السياسي على المجلس البلدي المؤلف من 21 عضواً.

لبنانية ترفع أصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات البلدية في بيروت (إ.ب.أ)

واشتدت حماوة المنافسة بين لائحة «قلب زحلة» المدعومة من حزب «القوات اللبنانية»، ولائحة «رؤية وقرار» المدعومة من ائتلاف سياسي وحزبي كبير تشكل من نواب من المنطقة وحزبَيْ «الكتائب» و«الأحرار»، و«الكتلة الشعبية»، إضافة إلى دعم غير معلن من «حزب الله» و«حركة أمل»، في وقت ترك فيه «التيار الوطني الحر» لمناصريه حرية الاختيار.

وعادة ما تظهر في زحلة تحالفات تتخذ الطابع العائلي والسياسي، خصوصاً في ظل التنوع الطائفي الذي يشمل الموارنة والكاثوليك والأرثوذكس والأرمن والسنة والشيعة. ورغم الطابع السياسي البارز للمعركة في زحلة التي حشدت جميع القوى، فإنها أيضاً لا تخلو من بعض الحسابات العائلية والمناطقية، حيث قد يلعب بعض الشخصيات والعائلات المحلية دوراً مهماً في تحديد وجهة كثير من الأصوات.

عناصر من الجيش اللبناني يؤمنون الحماية أمام مركز للاقتراع بالانتخابات المحلية في بيروت (أ.ب)

وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب إلياس إسطفان: «(حزب القوات) لا يستفرد بقرار زحلة»، وأضاف: «لا نريد أن تبقى زحلة كابوساً، ونشكر البلدية على ما قامت به في الفترة الماضية، لكنّنا بحاجة إلى التغيير وإلى فكر جديد».

بدوره، قال عضو تكتل «لبنان القوي»، (الوطني الحر)، النائب سليم عون: «بخيارنا اليوم، هناك أمل بأن تؤمّن النتائج تنوعاً، ومصلحة زحلة هي بمجلس بلديّ يستطيع أن يعمل».

وفي قضاء زحلة أيضاً سجل خلل ميثاقي كبير في بلدية رياق - حوش حالا، حيث أعلن المرشحون المسيحيون انسحابهم من المنافسة على عضوية المجلس البلدي المؤلف من 18 عضواً، الموزعين وفق الأعراف المحلية بـ10 مقاعد للمسيحيين، و8 للشيعة؛ مما أدى إلى فوز مجلسها البلدي بالتزكية مع خلل تمثيلي للطائفة المسيحية.

بعلبك - الهرمل

إلى محافظة بعلبك - الهرمل بالبقاع الشمالي، حيث لم ينجح ثنائي «حركة أمل - حزب الله» في فرض إيقاعه على العملية الانتخابية في كثير من مدن وقرى المحافظة ذات الغالبية الشيعية، خصوصاً في مدينتي بعلبك والهرمل، وبدا واضحاً أن المعارك تخاض ضمن البيئة الشيعية بعناوين سياسية معارضة لـ«الثنائي».

والمنطقة التي تعدّ خزاناً بشرياً لـ«حزب الله»، يخوض فيها «الحزب» معركته الانتخابية الأولى بعد الحرب الإسرائيلية، التي طالت صواريخها مناطق واسعة في البقاع الشمالي؛ مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف وتضرر وتدمير آلاف الوحدات السكنية.

وتسعى القوى المعارضة لـ«الثنائي»، المؤلفة من تكتلات عشائرية وعائلية ومن المجتمع المدني، إلى منع «الثنائي» من السيطرة الكاملة على البلديات، وتحاول تحقيق اختراقات في بعض البلدات.

وأكد عضو كتلة الحزب البرلمانية «الوفاء للمقاومة» النائب إبراهيم الموسوي بعد الإدلاء بصوته في النبي شيت، أن «هذه المعركة الانتخابية ديمقراطية، وكل من سيربح سيعمل في إطار الخدمة».

بدوره، قال عضو الكتلة النائب إيهاب حمادة بعد الإدلاء بصوته في الهرمل: «دورنا في (حزب الله) كان رعاية التوافق؛ لأننا ننظر إلى هذه البيئة على أنها أشرف الناس».

في بعلبك المدينة، لم تجر الرياح على هوى «الثنائي الشيعي» في الوصول إلى لائحة توافقية؛ مما أفضى إلى اشتداد حماوة المعركة سياسياً بين لائحة مدعومة من «الثنائي»، ولائحة أخرى تضم شخصيات عائلية من نسيج المدينة وعدداً من ناشطي المجتمع المدني، وحظيت هذه اللائحة بدعم سني ملحوظ.

وفي مدينة الهرمل أيضاً، لم يستطع «حزب الله» التوصل إلى توافق أو تزكية، فتركزت المنافسة بين لائحتين: الأولى مدعومة من «الثنائي الشيعي»، والثانية مدعومة من علي حمادة نجل رئيس مجلس النواب الراحل صبري حمادة، وعدد من عشائر وعائلات المدينة.

وفي البلدات والقرى المسيحية بالبقاع الشمالي (منطقة دير الأحمر وجوارها)، تمكن حزب «القوات اللبنانية»، الذي يحظى بالشعبية الكبرى ضمن هذه البيئة، من الوصول إلى توافقات في كثير من القرى والبلدات وفق معايير إنمائية وعائلية، وحيث تعذر التوافق ترك «القوات» الخيار للعائلات مع تأكيده الوقوف على مسافة واحدة من الجميع.

لبنانية تدلي بصوتها بالانتخابات المحلية في بيروت (إ.ب.أ)

أما في قرى البقاع الشرقي المسيحية، وتحديداً في القاع وراس بعلبك، فاختلف المشهد الانتخابي، حيث أخذت المعركة طابعاً سياسياً متقاطعاً مع بعض الاعتبارات المحلية والعائلية، خصوصاً بين «القوات» و«التيار الوطني الحر».

وفي عرسال، ذات الغالبية السنية، طغى البعد العائلي على البعد السياسي في مسار تشكيل اللوائح. وعليه؛ فقد خاضت عرسال معركة انتخابية بين 3 لوائح تنافست فيها مختلف العائلات والمكونات والشخصيات الفاعلة في البلدة.

البقاع الغربي وراشيا

في البقاع الغربي وراشيا، طغى الطابع العائلي في الانتخابات البلدية على التحالفات السياسية، واكتفت القوى والتيارات والأحزاب، بمختلف توجهاتها، بتسمية مرشحين من صفوفها ضمن العائلات في البلدات والقرى؛ مما خفف إلى حد كبير حدة التنافس الذي حُصر بين المكونات المحلية في هذه المنطقة التي يحكمها التنوع الديمغرافي والسياسي والحزبي.

وبينما غاب «تيار المستقبل» عن المنافسة في القرى السنية، أعلن «الحزب التقدمي الاشتراكي» وقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين واللوائح المتنافسة في قرى القضاء.

aawsat.com