خبر ⁄سياسي

العقوبات الأميركية تهدد فرص إعمار السودان بعد الحرب المنسية

العقوبات الأميركية تهدد فرص إعمار السودان بعد الحرب المنسية

بورتسودان  27 مايو 2025 – أبدى خبراء اقتصاديون مخاوفهم البالغة عقب إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على السودان، المثقل أصلاً بأعباء الحرب الاقتصادية، وتأثير تلك العقوبات على عملية إعادة الإعمار المرتقبة بعد وقف الأعمال القتالية.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على السودان بعد ثبوت استخدامه أسلحة كيميائية في عام 2024.

وأشارت المتحدثة باسم الوزارة، تامي بروس، في بيان، إلى أن “الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على السودان تشمل قيوداً على الصادرات الأميركية وعلى وصوله إلى خطوط الائتمان الحكومية الأميركية”.

وأضافت بروس: “ستدخل العقوبات حيّز التنفيذ فور نشر إشعار في السجل الفيدرالي”.

ومع الإعلان عن العقوبات، شهدت الأسواق الموازية للعملات الأجنبية في السودان فوضى عارمة، وارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ، فيما تغيرت أسعار التحويلات التي يعتمد عليها السودانيون في الداخل والخارج.

وتراوح سعر صرف الدولار في ام درمان وبورتسودان وفقا لتجار بين 2890 و3000 جنيه سوداني للبيع والشراء.

وتأثرت العملات الأخرى أيضًا، حيث ارتفع سعر صرف الريال السعودي من 744 إلى 760 جنيهًا سودانيًا، مع زيادات متفاوتة في أسعار بعض المواد الغذائية في مدن مختلفة.

ويخشى الخبراء من تأثير العقوبات على عملية إعادة الإعمار المتوقعة بعد انتهاء الحرب في السودان، التي دمرت البنية التحتية ووضعت الخدمات الصحية والاقتصادية على حافة الانهيار الكامل.

ويرى الخبير الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، في حديث لـ”سودان تربيون”، أن تأثير العقوبات على العملة سيكون طويل الأمد ولن يقتصر على الارتفاع الحالي في أسعار العملات الأجنبية فقط.

ويضيف هيثم أن فاعلية هذه العقوبات تعتمد على آليات تطبيقها، ومدى التزام الأطراف الإقليمية والدولية بتنفيذها، منوهاً إلى أن هذه العقوبات يمكن أن تُعقّد عمليات التمويل عبر فرض قيود على الشركات والبنوك التي تتعامل مع الكيانات الحكومية والشركات السودانية. كما توقع أن تعرقل حركة التجارة والاستيراد والتصدير وجهود الإعمار وإعادة البناء من خلال إعادة تفعيل آليات الرقابة على التعاملات مع السودان.

وأشار في الوقت نفسه إلى أن العقوبات الأميركية عموماً أصبحت، في رأيه، عبئًا أخلاقيًا وإنسانيًا أكثر منها أداة ضغط سياسي، مضيفًا أن العقوبات لم تنجح في إسقاط الأنظمة والحكام، ولكنها تقوض الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للدول، باعتبارها تستهدف مقومات الحياة اليومية للمواطن السوداني.

ترامب رسم لنفسه صورة أنه قادر على إنهاء جميع الحروب في العالم (رويترز)

وتعليقًا على العقوبات السابقة التي رُفعت شكليًا، قال هيثم إن آثارها لا تزال باقية وواضحة، وكأنها ما زالت سارية فعليًا، ولم يستفد منها الاقتصاد السوداني.

وأكد أن قسوة العقوبات السابقة تسببت في تعطيل قطاعات اقتصادية وصناعية وخدمية حيوية بسبب نقص قطع الغيار، وتوقف المساعدات الأجنبية المباشرة من الدول الغربية، فضلاً عن إحجام العديد من المؤسسات المالية الدولية عن التعاون مع السودان.

كما تأثر القطاع المصرفي السوداني بشكل كبير جراء تعطل عمليات التجارة الخارجية وتحويلات البنوك الأجنبية.
وذكر هيثم أن المصارف العالمية لا تزال مترددة في التعامل مع نظيراتها السودانية، إلى جانب عدم استيفاء الأخيرة لمتطلبات وضوابط مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وقال إنه لا يوجد تعاون اقتصادي أو تبادل تجاري كبير أو مؤثر بين السودان والولايات المتحدة، إلا في حالات نادرة، وتحديداً في مجال تصدير الصمغ العربي، بما لا يتجاوز 100 مليون دولار سنوياً في أفضل الأحوال، وغالباً عبر وسطاء سواء كانوا دولاً أو شركات أوروبية.

ورأى أن العقوبات الاقتصادية الأميركية ستصاحبها مجموعة من الإجراءات لضمان نجاح سياساتها، لكن هذه الإجراءات ستفاقم أزمة الاقتصاد السوداني، وسوف تؤدي إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه السوداني، الأمر الذي سينعكس بدوره على الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين وغيرها من التداعيات الاقتصادية.

وقال إن مصدر قوة العقوبات الأميركية ينبع من عاملين أساسيين: أولهما هيمنة الدولار، وثانيهما الدور الأميركي المحوري في النظام النقدي العالمي.

و ألحقت الحرب أضراراً بالغة بمعيشة السودانيين وأدت إلى تفاقم البطالة، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل البطالة في السودان إلى 47% بنهاية عام 2024، مع انكماش متوقع للاقتصاد بنسبة 18%.

sudantribune.net