خبر ⁄سياسي

انقسام لبناني حيال قرار مفوضية اللاجئين وقف الدعم الصحي للسوريين

انقسام لبناني حيال قرار مفوضية اللاجئين وقف الدعم الصحي للسوريين

انقسمت القوى السياسية في لبنان بين مرحب بخطوة مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين وقف التغطية الصحية عن اللاجئين السوريين في لبنان بدءاً من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وبين من ينظر بقلق إلى هذه الخطوة، متخوفاً من رمي الأعباء على الدولة اللبنانية.

وأعلنت وزارة الصحة العامة في لبنان، أن مفوضية اللاجئين أبلغت الوزير ركان ناصر الدين، بوقف تقديم الدعم الصحي للسوريين اعتباراً من نوفمبر المقبل، بسبب قلة التمويل المقدم من الدول المانحة. وشدد ناصر الدين، الأربعاء، على ضرورة أن تجد المفوضية السامية «السبل الكفيلة لتأمين التغطية الاستشفائية للسوريين ودعم الخدمات الصحية المقدمة لهم في مراكز الرعاية الأولية». وأضاف: «لا حل إلا بتأمين التمويل الدولي للرعاية الصحية للسوريين واستشفائهم إلى حين عودتهم الآمنة لبلادهم».

في إطار النزوح السوري في لبنان، شدّدتُ على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته وتأمين الدعم المادي و الإستشفائي إلى حين تحقيق العودة الآمنة للمواطنين السوريين إلى بلادهم، داعياً للبحث في السبل الكفيلة بتأمين تغطيتهم الإستشفائية، إذ أنّ لبنان لا يستطيع تحمّل المزيد من الأعباء... pic.twitter.com/9dNqzwVaE5

— Rakan Nassereldine (@RKNassereldine) May 28, 2025

ردود فعل متباينة

وأثار القرار الأممي الجديد ردود فعل متباينة من الأطراف السياسية اللبنانية، بين مرحب بالخطوة على اعتبار أنها تساعد في عودة السوريين إلى بلادهم، بعد انتفاء أسباب اللجوء، وبين منتقد لها؛ لأنها ستترك السوريين من دون غطاء صحي؛ ما قد يؤدي إلى انتشار الأوبئة وتحميل الحكومة اللبنانية أعباء إضافية، في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان، وانعدام القدرة لدى معظم السوريين الموجودين في لبنان على تحمّل تكاليف العلاج من مواردهم الخاصة.

وقال رئيس لجنة الصحة النيابية، النائب بلال عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار المفوضية كان مفاجئاً، ولو أنه أتى ضمن رزمة الإجراءات المتفق عليها لإعادة السوريين إلى وطنهم بعد زوال الأسباب السياسية التي دفعتهم للخروج لكان جيداً، لكن إبقاءهم من دون تغطية صحية في حين يعلم الجميع أن الدولة اللبنانية غير قادرة على الإيفاء بهذه المهمة، سيضع لبنان أمام مأزق كبير».

وأضاف عبد الله: «من الناحية الإنسانية هناك إجحاف كبير بحق مليون ونصف المليون سوري، وإن كانت التغطية الصحية تشمل مليون شخص تقريباً، لكن بين المليون عجزة وأطفال وحديثو الولادة ومن لديه أمراض مستعصية، ثم إن وقف التغطية بهذا الشكل سيؤدي إلى انتشار المزيد من الأمراض بين السوريين والمحيط السكني، وهذا أيضاً عبء إضافي على لبنان».

ولا ينفي رئيس لجنة الصحة النيابية أن هذه «الخطوة قد تشكل حافزاً إيجابياً لعودة السوريين إلى وطنهم، لكنها يجب أن تأتي في سياق خطة متكاملة متفق عليها بين الدولتين اللبنانية والسورية، وبالتنسيق مع المؤسسات الدولية، كي يتزامن ذلك مع انتقال الدعم من لبنان إلى سوريا، إن كان الدعم الصحي أو المساعدات الشهرية».

نازحون سوريون يغادرون لبنان ضمن قافلة عودة طوعية في عام 2024 (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأمل عبد الله أن «تتمكن اللجان المشتركة اللبنانية - السورية من الآن حتى نوفمبر من إنجاز هذه الخطة لإعادة القسم الأكبر منهم إلى سوريا، وعندها قد تبقى فقط اليد العاملة التي يحتاجها لبنان، وهذه أيضاً من الضرورة تنظيمها عبر إجازات عمل من وزارة العمل والأمن العام اللبناني».

ترحيب من «القوات اللبنانية»

في المقابل، رحّب عضو كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية)، النائب سعيد الأسمر، بقرار المفوضية، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «أتى بعد مسار طويل من المطالبات الحثيثة من قبل تكتل (الجمهورية القوية)، إن من حيث الكتب الموجهة إلى المفوضية مباشرة أو تلك التي وُجهت إلى الحكومة اللبنانية عن رفض الإجراءات التي من شأنها أن تساهم في إبقاء السوريين في لبنان على حساب السيادة الوطنية، خصوصاً بعد انتفاء الأسباب التي حالت دون عودتهم سابقاً».

وأضاف الأسمر: «طالبنا أيضاً منذ نحو عام وزير الداخلية اللبنانية باتخاذ إجراءات قانونية بحق الجمعيات المساهمة في تمويل المساعدات التي تعزز بقاء السوريين، واليوم نعود ونجدد مطالبة الجمعيات التي تريد مساعدة السوريين أن تذهب لمساعدتهم في بلادهم وبكافة المجالات التي تريدها، وإلا فهي تساهم في عدم تسهيل حل هذه الإشكالية التي قد تهدد أمن لبنان واستقراره».

خوف من التداعيات

وأكد الأسمر أن «التغطية الصحية حق لكل إنسان، لكن على السوريين الحصول عليها في بلدهم وليس في لبنان الذي يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة»، موضحاً أن «الوجود السوري أصبح عاملاً مهدداً للسيادة الوطنية والأمن اللبناني؛ فوجودهم أصبح غير شرعي بعد سقوط نظام بشار الأسد؛ لذلك لا يحق لمفوضية اللاجئين أن تقدم لشخص غير شرعي أي مساعدات أو أذونات عمل؛ لأن الأذونات تؤخذ فقط من الدولة اللبنانية».

وعن تخوف البعض من تداعيات سلبية للقرار، يجيب الأسمر: «لماذا التخوف من القرار ما دام يعطي السوريين مهلة حتى نوفمبر لوقف التغطية الصحية؟ فيمكنهم خلالها العودة إلى بلادهم، خصوصاً أنه بعد سريان هذا القرار سيكون من الصعب بقاؤهم من دون الرعاية الصحية، خصوصاً أن الحكومة اللبنانية غير مجبرة قانوناً على تقديم الرعاية لأي شخص يقيم في لبنان بطريقة غير شرعية».

aawsat.com