غزي مثير للجدل... يختفي مع اختفاء المساعدات ويعاود الظهور مع عودتها

مع استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، عاد الغزي ياسر أبو شباب للواجهة مجدداً، بعد نحو ثلاثة أشهر من الاختفاء ميدانياً وإعلامياً عبر صفحته في «فيسبوك».
وكثيراً ما أثار أبو شباب جدلاً؛ فبعض الغزيين ربطوا اسمه بسرقة مساعدات إنسانية كانت تدخل قطاع غزة خلال فترات سابقة، إلا أن البعض الآخر يدافع عنه، بل يشيد بما عدُّوه «تأميناً» للمساعدات و«حمايةً لها».
وفي الشهر الماضي، أعاد أبو شباب تنشيط صفحته في «فيسبوك»، معلناً استئناف تأمين وصول المساعدات للمناطق السكنية، الأمر الذي أثار تساؤلات حول عودة ظهوره المفاجئة، والهدف من الإعلان رغم ارتباط اسمه بين كثيرين بسرقة المساعدات سابقاً.
وقالت عدة مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أبو شباب وأفراد المجموعة المسلحة التي ظهرت برفقته، ونشرت صوراً لها عبر حسابه، موجودون بشكل أساسي في المناطق الواقعة بين شرق رفح وجنوب شرقي خان يونس، وهي مناطق تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، وتخلو إلا من بضع عشرات من السكان ينتمون لقبيلة «الترابين» التي ينتمي إليها أبو شباب ومن يعملون معه.
وبدأت مساعدات إنسانية تتقاطر على غزة الأسبوع الماضي بعد أن رضخت إسرائيل للضغوط الدولية ورفعت الحصار الذي كانت قد فرضته على دخول المساعدات في الثاني من مارس (آذار) الماضي. وأشار مرصد عالمي لمراقبة الجوع إلى أن الحصار جعل نصف مليون شخص في القطاع في مواجهة المجاعة.
من هو أبو شباب؟
لا أحد يعرف عدد أفراد القوة المسلحة التي شكَّلها أبو شباب، لكنها تُقدَّر بالعشرات، أو المئات على الأكثر، استنباطاً من بعض الصور ومقاطع الفيديو القصيرة المنشورة على حسابات مختلفة في «تيك توك» وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، والتي تُظهر امتلاك المجموعة أسلحة ومركبات رباعية الدفع.
ولم يتسنَّ لـ«الشرق الأوسط» التواصل مباشرة مع أبو شباب لمعرفة طبيعة دوره في مسألة المساعدات؛ فجميع أرقام هواتفه كانت مغلقة.
وتقول بعض المصادر التي تعرفه إنه شاب بسيط، اعتقلته شرطة «حماس» بعد إدانته بتهمة حيازة المخدرات والاتجار بها، لكنه هرب مع مساجين آخرين بعد اندلاع الحرب واشتداد القصف. ولم يكن أبو شباب يوماً ذا علاقة تنظيمية بأي طرف فلسطيني، كما لم يُعرف عنه التخابر مع إسرائيل، كما تشير المصادر التي تقول أيضاً إن حمل السلاح أمر معتاد لدى الغالبية العظمى من قبيلته «الترابين».
وبعد أن اتهمه بعض الأهالي بسرقة مساعدات، هاجمت أجهزة أمن «حماس» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 مواقع كان يتردد عليها هو وبعض العناصر المسلحة التي تعمل معه؛ ما أدى لمقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً وإصابة العشرات.
وبعدما قيل إنه قُتل بعد إطلاق قذيفة مضادة للدروع تجاه مركبة استخدمها في أثناء الفرار من المكان، تبيَّن بعد أيام أن شقيقه هو من كان على متنها وهو الذي قُتل. ووفقاً لبعض المصادر، فرّ أبو شباب إلى مواقع متقدمة جداً من أماكن انتشار الجيش الإسرائيلي شرق رفح.
سرقة أم تأمين؟
وبعد فترة اختفاء، عاد أبو شباب للظهور منذ أيام مع استئناف المساعدات. ونُشرت مقاطع فيديو تُظهر عناصر قيل إنها تابعة له تعمل على تأمين تلك المساعدات ومركبات وفود أجنبية وعاملين في الصليب الأحمر. ويظهر في تلك المقاطع أشخاص من قبيلة «الترابين» يتحدثون مع أعضاء الوفود القادمة إلى غزة.
وفي كل مرة تدخل فيها مساعدات إلى القطاع، ينشر أبو شباب على صفحته منشوراً حول حمايتها ونقلها إلى أطراف مناطق لا تقع تحت سيطرته، وإنما تحت ما يسميه «الطرف الآخر» أو حكومة «الأمر الواقع»، في إشارة إلى «حماس».
وجاء في أحد منشوراته الأخيرة على «فيسبوك»: «حين وزعنا المساعدات بكرامة شوهونا، وحين وقفنا لحمايتها اتهمونا، وها نحن اليوم نطل على الناس، نحن أبناء هذا الشعب». وحمل المنشور اسم «ياسر أبو شباب - القوات الشعبية».
وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن المساعدات المسروقة لم تتسلمها «حماس»، وكانت تدخل إلى مناطق سكنية من دون حماية مما ساهم في سرقتها؛ وحين خرجت مجموعة من عناصر التأمين التابعة للجبهة الداخلية في «حماس» لحماية هذه المساعدات في دير البلح وسط قطاع غزة، تعرضت لقصف إسرائيلي وقُتل ستة من أفرادها، في حين تمكنت عصابة مسلحة من سرقتها.
وبعد ساعات، أطلقت عناصر من «حماس» قذيفة على المسلحين منفذي السرقة، فقُتل ستة منهم، وفقاً للمصادر الميدانية.
«فَلَتان أمني»
تقول مصادر إن ياسر أبو شباب لا يجيد الكتابة، ومن الصعب أن يكون هو من يدير صفحته الشخصية على «فيسبوك»، الأمر الذي يثير تساؤلات حول من يقف خلفه، خاصةً في ظل استمرار عمله بمناطق خطرة بالنسبة للغزيين، لا يمكن لأحد أن يصل إليها في ظل وجود الجيش الإسرائيلي بمناطق متقدمة جداً منها.
وفي بعض المنشورات على صفحته، يشير أبو شباب إلى وجود طاقم إعلامي يدير صفحته وعمله بشكل مهني. وفي أحد المنشورات لا يكتفي بالإشارة إلى حماية المساعدات وإدخالها، بل يدعو للوحدة ونبذ «حماس» التي اتهمها بأنها تعمل على تشويه صورة رموز شعبية.
ويطلق أبو شباب على مجموعته المسلحة في بعض منشوراته «قوات العمل الشعبي»، في حين كتب على بعض مقاطع الفيديو المنشورة على «تيك توك» أسماء مثل «قوات مكافحة الإرهاب».
وبات البعض في غزة يطلق على أبو شباب - حتى وإن كان من باب المزاح - لقب «سيادة الرئيس»، ومنهم من يطلق عليه «الدولة»، خاصةً بعد ظهور عناصره المسلحين وهم يضعون علم فلسطين على ملابسهم العسكرية، ويؤدون التحية لكل موكب من الوفود يمر عليهم.
وذكرت مصادر محلية أنه ساعد في الأيام الأخيرة على خروج عائلات حاصرتها القوات الإسرائيلية في منطقة العمور جنوب شرقي خان يونس؛ ما سمح بإجلائها إلى مناطق غرب المدينة لاحقاً.
ولا تكفّ «حماس» عن اتهام إسرائيل بالعمل على تشجيع «الفلتان الأمني» في قطاع غزة وسرقة المساعدات من خلال إطلاق يد عصابات مسلحة، في حين لا يُخفي المسؤولون الإسرائيليون تشجيعهم سكان القطاع على الخروج من عباءة «حماس»، والانقلاب عليها والتظاهر ضدها، كما جرى في بعض المناطق.
aawsat.com