الذكرى السادسة لمجزرة القيادة العامة: جراح مفتوحة ومطالب لا تموت

الخرطوم – 6 يونيو 2025 -راديو دبنقا
في الذكرى السادسة لمجزرة فض اعتصام القيادة العامة بالخرطوم، التي وقعت في الثالث من يونيو 2019، تتجدد الدعوات للمحاسبة وتحقيق العدالة، وسط تأكيدات من قوى الثورة والمجتمع المدني أن هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم، ولن تُنسى مهما طال الزمن.
في ذلك اليوم المشؤوم، فُضّ اعتصام سلمي بالقوة المفرطة من قبل المجلس العسكري ومليشياته، وسالت دماء طاهرة لشبان وشابات لم يحملوا سوى أحلامهم بوطن حر وديمقراطي. ولا تزال هذه الجريمة تمثل جرحاً غائراً في ذاكرة السودانيين، وحدثاً مفصلياً في مسار ثورة ديسمبر المجيدة.
جمهورية الاعتصام: دولة الحلم التي أخافَت الدولة العميقة
يرى مراقبون أن الاعتصام أمام القيادة العامة لم يكن مجرد مظاهرة، بل شكّل نواة لـ”جمهورية إنسانية” مصغرة، تلاقت فيها أطياف الشعب السوداني من مختلف المناطق والخلفيات، في نموذج مصغر للدولة المدنية التي تنشدها الثورة. ويذهب بعض المحللين، ومنهم القيادي ياسر عرمان، إلى تشبيهها بـ”كميونة باريس”، من حيث عمقها الرمزي وقدرتها على خلق واقع جديد تجاوز النظام القديم.
بيانات متجددة: لا مساومة على دم الشهداء
في هذه الذكرى، أصدرت عدة قوى ثورية ومدنية بيانات تؤكد على الموقف الثابت من مجزرة القيادة العامة:
“غاضبون بلا حدود”: نواصل المقاومة
أكدت الحركة أن مجزرة القيادة لم تُسقط الثورة، بل عرّت أعداءها، وشددت على أن دماء الشهداء لا تُباع ولا تُهادَن، مجددة التزامها بمقاومة ما وصفته بـ”ميليشيا الجنجويد” حتى تحرير الوطن من التسلط والدمار.
تحالف “السودان التأسيسي”: القتلة معروفون
حمّل التحالف المسؤولية للنظام القديم، وعلى رأسه الإسلاميون، مؤكداً أن من أشعل مجزرة القيادة هو نفسه من فجّر الحرب الحالية في أبريل 2023. وانتقد التحالف تقاعس قيادات عسكرية عن المثول أمام لجنة التحقيق، في وقت سبق فيه مثول قيادات من الدعم السريع.
لجان أحياء بحري: لا ننسى.. لا نغفر
وصفت لجان المقاومة المجزرة بأنها جريمة مكتملة الأركان ارتكبت بدم بارد، مشددة على أن خيار التراجع غير وارد، وأن الثورة لا تزال مستمرة، وأن العدالة قادمة لا محالة.
نقابة أطباء السودان: الجيش للثكنات لا للسلطة
في بيانها، قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن مجزرة القيادة تمثل نقطة سوداء في تاريخ البلاد، داعية إلى تأسيس جيش قومي بعقيدة وطنية لا يتدخل في السياسة، يحمي الشعب ولا ينقلب عليه، ويضع مصلحة الوطن فوق أي ولاءات.
التحالف المدني الديمقراطي (صمود): لن تسقط بالتقادم
أدان التحالف إلغاء بند لجنة التحقيق في التعديلات الدستورية الأخيرة، واعتبر الحرب الجارية امتداداً لمحاولات القضاء على ثورة ديسمبر، مجدداً العهد على التمسك بالحكم المدني واستعادة المسار الديمقراطي.
الجناة معروفون بالاسم
أكد الناشط السياسي جعفر خضر من القضارف أن القادة العسكريين، بمن فيهم عبد الفتاح البرهان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ياسر العطا، شمس الدين كباشي، وعبد الرحيم دقلو، متورطون في جريمة فض الاعتصام، وفق شهادات ووثائق مصورة متداولة. ورفض خضر محاولات التبرير بوجود عناصر مجهولة ترتدي زي الدعم السريع، مشيداً بدور الشرفاء من القوات المسلحة، وعلى رأسهم الشهيد محمد صديق.
وشدد خضر على أن تورط قيادات بعينها لا يعني معاداة المؤسسة العسكرية، خاصة في معركتها الحالية ضد ما وصفه بـ”العدوان الإماراتي الجنجويدي” على السودان.
العدالة المؤجلة: مطلب لا يسقط
جددت منظمات حقوقية سودانية ودولية مطالبتها بتحقيق شفاف ومستقل في الجريمة، ونددت بما وصفته بالتهرب الرسمي من إحقاق الحق، مشيرة إلى أن العدالة الانتقالية لا يمكن أن تُبنى على النسيان أو طمس الحقائق.
لا سلام بلا عدالة
في ظل الحرب المستعرة التي يشهدها السودان، تزداد أهمية استعادة مسار العدالة والقصاص للشهداء كمدخل أساسي لأي سلام دائم. وتبقى الذكرى السادسة لمجزرة القيادة العامة مناسبة لتجديد العهد مع دماء الشهداء، والتأكيد على أن الثورة مستمرة، وأن الحقيقة، مهما طال الزمن، لا بد أن تنتصر.
dabangasudan.org