الجزائر: تحديد موعد محاكمة قياديين في جبهة الإنقاذ

أفيدَ في الجزائر بأن القضاء قد حدد يوم 26 يونيو (حزيران) الحالي موعداً للنظر في قضية 20 قيادياً بحزب «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظور، كان قاضي التحقيق وضع 18 منهم رهن الحبس الاحتياطي منذ 20 شهراً، بعد أن وُجهت إليهم تُهم خطيرة، بعضها يصنَّف ضمن الجنايات.
وذكر محامون يدافعون عن المعتقلين، لـ«الشرق الأوسط» أن «محكمة الجنايات للدار البيضاء» بالعاصمة، ستعالج الملف بعد أن فتحته أول مرة في فبراير (شباط) الماضي، وأجّلت الفصل فيه «بسبب مرض ألمّ بالقاضي» الذي كان مُكلّفاً تسيير الجلسة، وفق ما أعلن يومها.
وتعود القضية إلى أواخر سبتمبر (أيلول) 2023 حينما نشر علي بن حجر، أحد القياديين السابقين في «جبهة الإنقاذ» مطلع تسعينات القرن الماضي، فيديو على شبكة للإعلام الاجتماعي يظهر فيه وهو يقرأ بياناً باسم «أطر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة»، يتضمن انتقاداً للأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، ودعا إلى «رفع القيود عن المناضلين السياسيين» وإطلاق سراح نحو 30 ناشطاً إسلامياً يقضون عقوبة السجن المؤبد بتهمة «الإرهاب» منذ بداية تسعينات القرن الماضي حينما اندلعت المواجهة بين إسلاميين مسلحين وقوات الأمن إثر تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات التي فازت بها «جبهة الإنقاذ» في نهاية 1991.
كما دعا البيان إلى إطلاق سراح علي بن حاج، نائب رئيس «الإنقاذ» سابقاً، الموجود في الإقامة الجبرية منذ عام، والإفراج عن مناضلي الحراك الشعبي الذين يبلغ عددهم 200، وفق حقوقيين، والذين تنفي عنهم السلطة صفة «مساجين سياسيين».
وقد أثار البيان غضب السلطات التي رأت فيه محاولة لإحياء نشاط «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، فأُوقفت بن حجر و3 آخرين في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2024، ثم توالت التوقيفات لتشمل 18 شخصاً في المجمل. ويوجد من بين الناشطين أسماء بارزة في أوساط الإسلاميين، مثل أحمد زاوي الذي عاد قبل سنوات قليلة من المنفى بالخارج، وسعدي مبروك أحد قدامى مناضلي الحزب. علماً بأن بن حجر كان زعيماً لتنظيم مسلّح حلّ نفسه في إطار هدنة بين الذراع المسلحة لـ«الإنقاذ» والسلطات الأمنية سنة 1997، مهّدت لـ«قانون الوئام المدني» الذي صدر في نهاية 1999.
وأكد المحامون أن عضوَين من مجموعة المتهمين موجودَين «في حال فرار»، وفق المصطلح الذي يرد في الملف القضائي، يقيمان حالياً في الخارج. وقد سمى أفراد المجموعة أنفسهم «أطر جبهة الإنقاذ الأصيلة» للتميز عن قياديين وناشطين سابقين في الحزب، يرون أنهم «حادوا عن نهجه» أو فضّلوا الانسحاب منه بسبب مشكلات مع السلطات.
وأفاد المحامون المترافعون عن المجموعة بأن أعضاءها دخلوا إضراباً عن الطعام في نهاية 2024، احتجاجاً على «حبسهم التعسفي»، مؤكدين أنهم أوقفوا حركتهم الاحتجاجية بعد شهرين «بسبب تدهور صحتهم ونظراً إلى تقدم سنّهم وأمراض مزمنة يعاني منها غالبيتهم»، وفق أحد المحامين.
ويواجه المحبوسون 3 تهم واردة في قانون العقوبات، تشمل: «إنشاء وتأسيس تنظيم تُنسب إليه نشاطات تدخل ضمن الإشادة بالإرهاب والانخراط في جماعة إرهابية»، و«السعي لتغيير النظام بطرق غير دستورية»، وهما جنايتان. أما التهمة الثالثة، وهي جنحة، فتتمثل في «عرض منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية».
وطوال أكثر من 3 عقود، دأبت الحكومة الجزائرية على مواجهة أي مؤشرات قد توحي بإعادة إحياء مشروع «الإنقاذ»، في إطار سعيها الحثيث لإغلاق ملف تلك المرحلة بشكل نهائي. وقد تُوّج هذا التوجه بإصدار قانون عام 2006 تحت اسم «المصالحة الوطنية»، يجرّم الحديث العلني عن مرحلة «العشرية السوداء»، لما تحمله من رمزية تتعلق بالحزب المحظور وظاهرة الإرهاب.
إلى ذلك، دعا الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، الأحد، أطرَ ومستخدمي الجيش إلى «بذل مزيد من الجهود المثابرة والعمل المثمر، خدمةً للمصالح العليا للوطن»، وذلك خلال حفل نُظم بمقر وزارة الدفاع الوطني بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وفق ما نشرته الوزارة عبر حسابها الرسمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
حضر مراسم الحفل عدد من كبار القيادات العسكرية، بينهم الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني، وقادة القوات، وقائد الحرس الجمهوري، وقائد الدرك الوطني، وقائد الناحية العسكرية الأولى (الناحية الوسطى)، ومدير الديوان لدى وزارة الدفاع، إلى جانب رؤساء الدوائر والمديرين ورؤساء المصالح المركزية بالوزارة وأركان الجيش الوطني الشعبي.
aawsat.com