مصر: حفظ التحقيقات في سرقة الدجوي... هل ينهي خلافات العائلة

قررت النيابة العامة المصرية، حفظ التحقيقات في قضية سرقة أكثر من 223 مليون جنيه (الدولار يساوي 49.5 جنيه) و15 كيلوغراماً من الذهب، من منزل رائدة التعليم، نوال الدجوي، بعدما سحبت المُدعية بلاغها ضد حفيديها عمرو وأحمد الدجوي، فيما أشارت النيابة إلى عدم ثبوت تورط الحفيدين في القضية.
يأتي حفظ أوراق القضية، الأربعاء، بعد أيام من الشروع في «تسوية ودية» أعلن عنها عمرو الدجوي عبر صفحته على «فيسبوك» في 3 يونيو (حزيران) الجاري، حيث كتب: «نرحب بمساعي الصلح التي عرضها علينا بنات عمومتنا ومحاميهم»، وذلك بوساطة من «المستشار إيهاب عاصم لحفظ أواصر العائلة، ملتمسين من الجميع مراعاة خصوصية العائلة التي انتُهكت على مدار الأسابيع الماضية»، وفق منشوره.
وأرجعت نوال الدجوي سحب بلاغها وعدم توجيه أيّ اتهام إلى أحدٍ من أحفادها، إلى حرصها على تماسك الأسرة، وتوطيداً لأواصر القُربى، وتعزيزاً لمساعي الصلح بين أفراد العائلة.
وبينما احتفى موكل عمرو الدجوي بقرار النيابة الذي أكد عدم وجود وجه لإقامة الدعوى ضدهما، ونشر على صفحته على «فيسبوك» الآية القرآنية «وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً»، وأضاف «الله يرحمك يا سندي و ظهري، حسبنا الله ونعم الوكيل»، تحفّظ محامي أسرة حفيدَي الدجوي، ياسر صالح، على الإدلاء بتصريحات إعلامية حول القضية وتطوراتها.
في حين يرى المحامي حسن شومان أن «قرار حفظ النيابة التحقيقات، يعني أنها لم تجد الأدلة الكافية على ارتكاب حفيدي الدجوي جريمة السرقة، أو أنها لم تتوصل إلى الجاني، أو أنها لم تجد قضية من الأساس، بمعنى أن الأموال لم تُسرق»، مستبعداً في الوقت ذاته السيناريو الأخير، في ظل «وجود خلافات سابقة على الميراث، وهو نوع من القضايا الذي تتداخل فيه الكثير من الخيوط».
وأضاف شومان لـ«الشرق الأوسط» أن «حفظ أوراق القضية لا يعني إغلاقها بشكل تام، وإنما هو أمر مؤقت، ومن الممكن إعادة التحقيق فيها مرة أخرى حال ظهرت أدلة جديدة».
وأشار المحامي أحمد مهران إلى أن «قضايا السرقة لا يجوز التنازل فيها»، رداً على ما يشاع حول أن نوال الدجوي تنازلت عن القضية، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث هو تغيير أقوال صاحب البلاغ، بأن يذكر أمام النيابة أنه وجد ما كان يظن أنه سُرق، وبذلك تُحفظ أوراق القضية».
لكنَّ المحامي حسن شومان رأى أن «النيابة عادةً ما تراعي صلة القرابة في مثل هذا النوع من القضايا، خصوصاً إذا كانت ما بين الدرجتين الأولى والثانية، لذا تحرص على حفظ أوراق القضية إذا سحبت المدعية البلاغ ضد حفيديها، وتخرج الصيغة في هذه الحالة بعدم وجود أدلة كافية لإقامة الدعوى».
في السياق، قال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم ذكر اسمه، إن «القضية لها تشعّبات، خصوصاً أن ثمة شقاً آخر لم تبتّ النيابة فيه حتى الآن، وهو الخاص بوفاة الحفيد أحمد الدجوي، وما إذا كان انتحاراً كما رجحت المعاينة الأولى لموقع الحادثة، أم فيه شبهة جنائية، كما تدّعي أسرة الراحل».
وانفجرت قضية «سرقة الدجوي» أمام الرأي العام في 19 مايو (أيار) الماضي، حين تقدمت رائدة التعليم نوال الدجوي ببلاغ يفيد بفشلها في فتح 3 خزن في منزل لها بمدينة 6 أكتوبر (جنوب العاصمة) بعد تغيير الكلمات السرية الخاصة بها.
وباشرت النيابة التحقيقات في الواقعة، وأمرت باستدعاء الحفيدين، قبل أن تتصاعد أحداث القضية بوفاة أحمد الدجوي في 25 مايو، في واقعة وصفتها وزارة الداخلية بأنها «انتحار» فيما شككت أسرته في ذلك، وألمح شقيقه إلى وجود شبهة جنائية.
https://www.facebook.com/amr.digwii/posts/pfbid02DZgUPCL9oGmPHMAHWeQc7DAMHRxZaFkhuCVyeJyrcuLPXo9kRkJuEbcRSE2GA4iRl?rdid=vmpchDw21SkSVrp1#وتتكتم عائلة الدجوي على مسار الحل الودي، لكنَّ «هناك مؤشرات يمكن من خلالها الاستدلال على نجاح هذه الجهود من عدمها» حسب المحامي حسن شومان، وفي مقدمتها «تنازل نوال الدجوي عن شكواها»، مشيراً إلى أن «من حق الأحفاد المتهمين في المقابل، برفع دعوى تشهير ضد جدتهما لادعائها عليهم في البداية، لكن ما دام ذلك لم يحدث، فيعني أن جهود التسوية تسير على نحو جيد».
واتفق معه الخبير الأمني، متوقعاً أن «يتم احتواء القضية داخل الأسرة، خصوصاً أن إثارتها على الملأ تحولت إلى حرب إعلامية بين طرفيها، أضرت بالجميع».
ولدى رائدة التعليم، ابن وابنة متوفيان، بالإضافة إلى 5 أحفاد؛ 3 من الذكور هم أبناء نجلها الراحل شريف الدجوي، أستاذ أمراض القلب في مستشفى قصر العيني، الذي توفي عام 2015، وهم: الراحل أحمد الدجوي، وعمرو الدجوي، مدير أكاديمية «كارير غيتس»، والمحاسب محمد الدجوي. أما ابنتها منى الدجوي، فكانت المديرة العامة للمدارس الخاصة التي أسّستها والدتها في خمسينات القرن الماضي، ولديها ابنتان: إنجي محمد منصور، مديرة الموارد البشرية في جامعة «MSA»؛ والدكتورة ماهي محمد منصور، المدرّسة المساعدة في الجامعة نفسها.
وتعود الخلافات بين العائلة إلى عام 2022، على تقاسم الميراث بين أبناء كل من شريف الدجوي ومنى الدجوي، وسط تبادل الدعاوى بينهما.
aawsat.com