الضربات الإسرائيلية الإيرانية تزيد المخاوف في مصر من موجة غلاء

دفعت الضربات الإسرائيلية - الإيرانية نحو زيادة المخاوف من «موجة غلاء جديدة» بمصر، لا سيما مع ارتفاع أسعار الدولار والذهب، وتراجع مؤشرات البورصة، وارتباك الأسواق.
وتراجع سعر صرف الجنيه المصري، مقابل الدولار بنحو جنيه، مُسجِّلاً 50.7 جنيه للدولار، مقابل 49.8 جنيه للدولار مساء الخميس. وشهد سعر الذهب ارتفاعاً في مصر تزامناً مع زيادة أسعاره عالمياً، ليرتفع سعر غرام الذهب عيار 21 بنحو 50 جنيهاً مع بدء الضربات الإسرائيلية - الإيرانية.
كما سجَّل المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، تراجعاً في بدايات تعاملات، الأحد، بنسبة 7.5 في المائة، في «أكبر» خسائر منذ عام 2020، قبل أن يقلص الخسائر إلى 5.2 في المائة مع استمرار ضغوط البيع من جانب المتعاملين الأفراد. وخسرت الأسهم المصرية نحو 148 مليار جنيه (نحو 3 مليارات دولار) من قيمتها السوقية مع بداية التعاملات، لتبلغ القيمة الإجمالية نحو 2.154 تريليون جنيه.
جاء ذلك في أعقاب موجة تراجع في الأسواق العالمية؛ بسبب تداعيات التصعيد بين طهران وتل أبيب، وسط مخاوف من تفاقم الأزمة الاقتصادية في مصر، وهي مخاوف عكستها تصريحات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مساء السبت، قائلاً إن «معظم القراءات تشير إلى أن الصراع الدائر حالياً من المتوقع أن يستمر لفترة أطول، وليس من المتوقع أن ينتهي خلال بضعة أيام، وهذا ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها».
وأعلن مدبولي إرجاء افتتاح المتحف المصري الكبير الذي كان مقرراً في الثالث من يوليو (تموز) المقبل.
ويصف الخبير الاقتصادي المصري، مصطفى بدرة، الأوضاع الاقتصادية العالمية بأنها «في أسوأ حالاتها». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العالم لم يتعافَ بعد من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية وتأثيرها على سلاسل الإمداد، لتتفاقم التداعيات بحرب غزة، واليوم تصعيد إيراني - إسرائيلي، ما ينبئ بتراجع معدلات النمو الاقتصادي في مختلف دول العالم».
وأضاف: «مصر التي لا تزال تعاني من تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وحرب غزة، تضرَّرت من التصعيد الإسرائيلي - الإيراني الأخير، وبدا هذا واضحاً في تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وقرار الحكومة إرجاء افتتاح المتحف الكبير الذي كان يُعوَّل عليه لزيادة العائدات السياحية».
وأعرب بدرة عن «مخاوفه من أن يزيد التصعيد الأخير من الضرر على الملاحة بقناة السويس؛ ما يؤثر على عائدات مصر الدولارية».
وبلغت خسائر قناة السويس بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر وهجمات «الحوثيين» على السفن المارة بمضيق باب المندب، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، نحو 7 مليارات دولار العام الماضي.
بدوره، يتوقَّع الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، عضو مجلس إدارة جمعية البترول المصرية، أن «تشهد البلاد موجة غلاء جديدة» مدفوعةً بتداعيات التصعيد الأخير بين تل أبيب وطهران. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التداعيات الاقتصادية للضربات ستؤثر على سلاسل إمداد الطاقة».
وأوضح: «التدخلات العسكرية في المنطقة ستؤدي إلى بطء حركة ناقلات النفط، وزيادة قيمة تأمينه؛ ما سيزيد من فاتورة مصر لاستيراد الطاقة والوقود، ويُشكِّل ضغطاً على الجنيه المصري؛ بهدف تدبير الدولار اللازم للاستيراد». وقال: «كل ذلك سينعكس على أسعار الوقود والنقل والمواصلات، وبالتالي يؤدي إلى موجة تضخم وارتفاع في أسعار السلع».
وفعَّلت وزارة البترول المصرية خطة طوارئ، «نظراً للأعمال العسكرية التي نشبت بالمنطقة، وتوقُّف إمدادات الغاز من الشرق (الغاز الإسرائيلي)»، وشملت الخطة «إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية»، بحسب إفادة رسمية مساء الجمعة.
وأشار بدرة إلى أن «وقف إمداد المصانع المصرية بالغاز سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار؛ ما ستكون له انعكاسات سلبية على المواطن الذي سيعاني من أعباء معيشية في مواجهة موجة غلاء جديدة». وقال: «الأزمة ممتدة، وخسائر مصر من التوترات حتى الآن تحتاج 5 سنوات على الأقل لتعويضها بعد توقف الحرب».
وفي محاولة من جانب الحكومة «لضمان استقرار الأسواق وتحقيق الأمن الغذائي وتلبية احتياجات المواطنين»، عقد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، اجتماعاً، الأحد، مع قيادات «الشركة القابضة للصناعات الغذائية»؛ «لمتابعة الموقف التنفيذي للمخزون الاستراتيجي من السلع التموينية والأساسية»، بحسب إفادة رسمية نشرتها صفحة رئاسة مجلس الوزراء المصري على «فيسبوك»، الأحد.
وأكد وزير التموين «أهمية الحفاظ على مستوى مرتفع من الجاهزية، ومتابعة دورية لمعدلات التوريد اليومية، مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين احتياطي استراتيجي آمن يكفي لفترات مطمئنة، خصوصاً في ظل التحديات العالمية والإقليمية الراهنة، والتقلبات الاقتصادية».
وتثير الضغوط الاقتصادية والاضطرابات الإقليمية مخاوف في مصر بين الحين والآخر بشأن موجات جديدة من الغلاء وارتفاع الأسعار. وفي أبريل (نيسان) الماضي قال رئيس الوزراء المصري إن «المشهد المضطرب يحتم على كل دولة التحرك من أجل تجنب أي تداعيات سلبية جراء الوضع الاقتصادي العالمي»، مشيراً إلى تحذيرات كثير من الخبراء من «احتمالية حدوث موجة تضخم، وركود اقتصادي عالمي خلال الفترة المقبلة».
aawsat.com