خبر ⁄سياسي

أوريان 21: كما فعل بوش الابن.. إسرائيل تغرق الشرق الأوسط بالفوضى

أوريان 21: كما فعل بوش الابن.. إسرائيل تغرق الشرق الأوسط بالفوضى

كما شن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن حربا على العراق عام 2003، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية– إلى "إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط" بما يتجاوز إيران بكثير.

بهذه المقارنة، بدأ موقع أوريان 21 افتتاحية بقلم الكاتب المخضرم المختص بالشرق الأوسط آلان غريش ورئيسة تحرير الموقع سارة غريرة، اللذين أوضحا أن القادة في تل أبيب يرون أنفسهم في حرب مع "الشر"، بحجة الدفاع عما تسمى "الحضارة اليهودية المسيحية"، تماما كما اعتقد المحافظون الجدد أن احتلال بغداد سيكون بداية عصر ديمقراطي في جميع أنحاء المنطقة.

وتتباهى إسرائيل بشن حرب على "7 جبهات"، هي غزة ولبنان والضفة الغربية والعراق وإيران واليمن وسوريا، وكان بإمكانها إضافة القدس الشرقية، حيث يتزايد التوسع الاستيطاني ومصادرة الممتلكات الفلسطينية -كما يقول الموقع- ولكن العدوان الإسرائيلي الجديد سوف يؤجج نيران الصراعات التي ستجعل المنطقة ودولها غير صالحة للسكن.

وشنت إسرائيل هجومها على إيران في الوقت الذي كانت فيه واشنطن وطهران تجريان مفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات الاقتصادية، وذريعة تل أبيب هي التهديد النووي الزائف كأسلحة الدمار الشامل التي أخفاها صدام حسين -حسب الموقع- وبذلك أفشلت تل أبيب للمرة الثانية التوصل إلى أي نتيجة دبلوماسية، بعد تشجيعها للرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2018 على سحب توقيع الولايات المتحدة من الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 الموقعة قبل 3 سنوات من ذلك.

إعلان

قلب الحقائق

وذكّر الموقع بأن ترامب ظل يصور طهران على أنها التهديد الرئيسي للاستقرار في الشرق الأوسط، إما بطموحاتها النووية أو طبيعة نظامها الإسلامي، وكرر نتنياهو الادعاء نفسه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أثناء تنفيذه عمليات تطهير عرقي في غزة وقصفه بلدات وقرى في جنوب لبنان وأحياء بأكملها في بيروت.

ونبه الموقع إلى أن المملكة العربية السعودية التي كانت تساند هذا الرأي هي أول دولة دانت الهجوم الإسرائيلي، كما أكد رد فعل دول الخليج الأخرى رغبة المنطقة في الاستقرار، ومن ثم من السذاجة والمكر أن يصدق أحد أن دولة في المنطقة غير إسرائيل هي من تتولى هذا الدور المهدد للمنطقة.

وقد أنهى هذا التهديد الإسرائيلي المدعوم من قبَل القوى الغربية قوس الانتقادات التي وُجهت لتل أبيب على الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة منذ 20 شهرا -كما يقول الموقع- واختفت الرغبة في رسم أي خط أحمر ضد القادة الإسرائيليين، حتى وإن أدى ذلك إلى تجريم نتنياهو وحده، حفاظا على براءة إسرائيل، رغم أن القوى السياسية والرأي العام دعموا سياسته في غزة.

وهكذا -يقول الموقع- عاد الاتحاد الغربي المقدس يرفع "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، دون أي تلميح إلى البرنامج النووي الإسرائيلي ورفض تل أبيب القاطع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتى إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ألقى باللوم على إيران "لمسؤوليتها الجسيمة عن زعزعة استقرار المنطقة بأسرها"، وكأنه رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير وهي تتهم "العرب" بإجبار الإسرائيليين على "قتل أطفالهم".

وبفتح هذه الجبهة الجديدة، أكدت إسرائيل الابتعاد عن عقيدتها العسكرية الإستراتيجية، بخوض حروب قصيرة ضد عدد محدود من الخصوم، واليوم، فلم تعد تسعى لإنهاء الأعمال العدائية، بل إلى إطالة أمدها، بل وانتهاك الاتفاقيات التي صادقت عليها، كما تفعل في لبنان الذي وقعت معه اتفاقا لوقف إطلاق النار، ولا تزال تحتل جزءا من أراضيه، دون اعتراض من فرنسا التي تساهم في الإشراف على الاتفاق.

ماكرون ألقى باللوم على إيران "لمسؤوليتها الجسيمة عن زعزعة استقرار المنطقة بأسرها"، وكأنه رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير وهي تتهم "العرب" بإجبار الإسرائيليين على "قتل أطفالهم"

نسيان غزة

وفي غزة، دخلت الهدنة حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وأدت إلى إطلاق سراح عديد من المحتجزين ومئات السجناء السياسيين الفلسطينيين، لكن إسرائيل انتهكتها واستأنفت قصفها من جانب واحد يوم 18 مارس/آذار، دون أن تحتج الولايات المتحدة ولا الغرب، بل فضلوا إلقاء اللوم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حسب أوريان 21.

إعلان

وليس من قبيل المصادفة أن الهجوم على إيران شن في غضون 48 ساعة من انقطاع كامل للتيار الكهربائي في غزة، وقطع جميع الاتصالات عنها، لتبقى معزولة عن العالم بعد أن بدأت في أخذ مكانها الصحيح في التغطية الإعلامية، لتختفي من العناوين الرئيسية، وتستمر الإبادة الجماعية بعيدا عن الأنظار.

ورغم وجود بعد شخصي لرغبة نتنياهو في خوض حرب لا نهاية لها لخوفه من المحاسبة على الفساد، ومن تشكيل لجنة تحقيق في مسؤولياته الشخصية في فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن الاقتصار على هذا التفسير خطأ، لأن نتنياهو -كما يقول الموقع- لا يهدف إلى إقامة شرق أوسط ديمقراطي كما حلم به المحافظون الجدد الأميركيون، بل إلى نشر الفوضى لمنع ظهور أي دولة أو قوة منظمة قادرة على المقاومة في محيط إسرائيل.

ليس من قبيل المصادفة أن الهجوم على إيران شن في غضون 48 ساعة من انقطاع كامل للتيار الكهربائي في غزة، وقطع جميع الاتصالات عنها، لتبقى معزولة عن العالم بعد أن بدأت في أخذ مكانها الصحيح في التغطية الإعلامية، لتختفي من العناوين الرئيسية، وتستمر الإبادة الجماعية بعيدا عن الأنظار

واستدل الموقع على هذا التوجه بسلوك إسرائيل في سوريا، حيث استغلت سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، لا لتوسيع رقعة الأراضي التي تحتلها بشكل غير قانوني في مرتفعات الجولان فحسب، بل لتأجيج التوترات الداخلية عبر قصفها المنتظم للمنطقة ومحاولة إقامة علاقات مع "الأقليات" لمنع إعادة بناء دولة سورية مستقرة.

وستكون تجزئة سوريا والدول العربية المحيطة بها نعمة بالنسبة للإسرائيليين، لا ليضمن لهم ذلك ضعف الجيران فقط، بل كي يفتح لهم أبوابا أخرى، أبرزها تطهير السكان الفلسطينيين عرقيا بدفعهم إلى الدول المجاورة دون مواجهة مقاومة تذكر.

وخلص أوريان 21 إلى أن قيام شرق أوسط فوضوي ومنقسم تحكمه دولة متحررة علنا من القانون الدولي هو مسعى إسرائيل، وسيضمن حلفاؤها الغربيون توفير الوسائل اللازمة لتنفيذه.

aljazeera.net