ما هي تقنية ستارلينك التي غيرت مفهوم الإنترنت في الطائرات والسفن

في تأكيد واضح لتوجه المملكة نحو تبني أحدث حلول التكنولوجيا الرقمية، أعرب إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركتي «سبيس إكس» و«إكس إيه آي»، عن تقديره لاعتماد السعودية خدمة «ستارلينك» لتوفير الإنترنت في قطاعات الطيران والملاحة البحرية. جاء ذلك خلال مشاركته في «منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي»، حيث وصف ماسك هذه الخطوة بأنها تمثل تحولاً اقتصادياً نوعياً، من شأنه أن يرفع مستوى إنتاجية الأفراد والقطاعات المختلفة. كما أشار إلى مستقبل يندمج فيه الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية بشكل عميق في بنية الحياة اليومية، بما يفتح الباب أمام طفرة اقتصادية غير مسبوقة.
ما هي «ستارلينك»؟
تعتمد تقنية «ستارلينك» على شبكة ضخمة من الأقمار الاصطناعية التي تدور في مدار أرضي منخفض (LEO)، ما يسمح بتقديم خدمة إنترنت عالية السرعة بزمن استجابة منخفض مقارنة بالأقمار الاصطناعية التقليدية في المدار الجغرافي الثابت (GEO).
في قطاع الملاحة البحرية، تمثل «ستارلينك مارايتايم» (Starlink Maritime) طفرة في مجال الاتصال البحري. فالشركات المشغلة للسفن التجارية واليخوت الفاخرة وسفن الخدمات النفطية والبحث العلمي، بدأت بتبني هذه الخدمة لتزويد طواقمها بإنترنت عالي الجودة، ما يعزز من كفاءة العمليات وسلامة الإبحار وراحة الطاقم. على سبيل المثال، قامت شركة «رويال كاريبيان» (Royal Caribbean) بنشر الخدمة على أسطولها من السفن السياحية، ما مكّن الركاب من البثّ المباشر ومكالمات الفيديو حتى في عرض المحيط. كما تستخدمها شركات شحن عالمية مثل «مارسك» (Maersk) في تحسين مراقبة الأداء وتدفق البيانات في الوقت الحقيقي.
توفّر الخدمة البحرية سرعات تصل إلى 220 ميغابت في الثانية، بكمون أقل من 99 ميلي ثانية، أي الزمن الذي يستغرقه إرسال البيانات من نقطة إلى أخرى والعودة، وتغطي معظم المحيطات والممرات البحرية الدولية. أما من الناحية التقنية، فتعتمد على هوائيات مزدوجة الأداء، مقاومة للماء والصدمات، وقادرة على العمل حتى في أقسى الظروف المناخية. ويُمكن للمشغلين اختيار خطط بيانات شهرية تبدأ من 50 غيغابايت وصولاً إلى 2 تيرابايت، مع تحكم كامل من خلال منصة إدارة مركزية تتيح مراقبة الاستخدام وتخصيص الموارد.
دعم قطاع الطيران
أما في قطاع الطيران، فقد غيّرت «ستارلينك أفييشن» (Starlink Aviation) المعادلة بالنسبة لاتصال الإنترنت على متن الطائرات. في السابق، كانت شركات الطيران تعتمد على أقمار «جيو» (GEO) ذات الكمون العالي، ما كان يؤدي إلى خدمة بطيئة ومكلفة، وغير مناسبة لتطبيقات العصر الحديث. أما مع «ستارلينك» (Starlink) بات بالإمكان تقديم سرعات تتراوح بين 40 إلى 220 ميغابت في الثانية لكل طائرة، مع تأخير منخفض، بما يكفي لتوفير تجارب سلسة للبثّ المباشر، ومكالمات الفيديو، والعمل عن بعد.
وقد بدأت عدة شركات طيران مثل «JSX» و«هواي إيرلاينز» في الولايات المتحدة تركيب هوائيات «ستارلينك» منخفضة الحجم على الطائرات، لتوفير اتصال فائق الجودة لركابها، مع وعد بتغطية المسارات الجوية العابرة للمحيطات والمناطق النائية. ومن المتوقع أن تتوسع هذه التقنية لتشمل الطيران التجاري في السعودية والمنطقة، خاصة في ظل الحماس الذي أبداه ماسك خلال المنتدى لاستخدام المركبات ذاتية القيادة والروبوتات الذكية في المملكة، ما يعكس تكامل رؤية السعودية التقنية مع مشاريع «سبيس إكس».
مميزات تقنية أخرى
تستند فاعلية «ستارلينك» إلى بنيتها المتقدمة، التي تضم آلاف الأقمار الاصطناعية في مدار أرضي منخفض، وتُزوّد بأنظمة دفع بالأرجون، وهو نوع من الدفع الأيوني يعتمد على غاز الأرغون لتوليد القوة اللازمة للمناورة وتفادي الحطام الفضائي. وتعتمد هذه الأقمار على هوائيات رقمية مسطحة بتقنية «phased array» لتتبع الأقمار بشكل دقيق دون الحاجة إلى أجزاء ميكانيكية متحركة. كما تتواصل فيما بينها عبر روابط ليزرية، ما يسمح بنقل البيانات بسرعة فائقة دون الاعتماد الكامل على المحطات الأرضية.
هذه المنظومة تتيح لـ«ستارلينك» تقديم خدمة عالمية مرنة، يمكن تخصيصها بحسب احتياج السفن أو الطائرات أو الشركات، سواء للاستخدام التجاري أو للقطاع الحكومي والدفاعي. كما أن تصميم النظام يجعله مثالياً للتوسع في مناطق تتطلع لتعزيز استقلالها الرقمي وتقليل اعتمادها على البنية التحتية الأرضية.
مع التوسع المستمر لخدمات «ستارلينك» واعتمادها من قِبل المملكة ودول أخرى، يصبح من الواضح أن مستقبل الاتصال لن يكون محدوداً بالبنية الأرضية، بل مدعوماً بشبكات فضائية ذكية تُمكّن الناس من البقاء على اتصال، حتى في أقصى نقاط الأرض.
aawsat.com